التجريم بالأنتماء سلاح التطرف
في خضم الصراع المحتدم في سوريا والعراق يسهل على المرء إتخاذ مواقف التطرف التي تجرم الأطراف الأخرى بكل ما فيها وجميع من ساندها برأي أو حتى من دافع عن حقها في التعبير أو الوجود.وجائت إستراتيجيات داعش الكارثية عموماً وخصوصاً حادثة أغتيال الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبه الوحشية، جائت بدفعات قوية نحو التطرف سواء للمتعاطفين أو للمدينين لها. الخيار السهل يقع في التطرف لجانب أو لآخر، ولا أعتقد أن إدانة أعمال داعش يعتبر تطرفاً لكن هنالك بين المدينين بعض الأطراف التي تغالي في الأدانة لكنها تتغاضى عن أعمال مشابهة لها أو لحلفائها. لكن الخيارات الصعبة تطرح أمام الآلاف من المضطرين للإنتماء إلى مجموعات متطرفة بسبب الحاجة. هؤلاء هم الذين يعانون الأمرين بين إختيار أهون الشرور والتجريم بالأنتماء لجرائم ليس لهم دور في تنفيذها أو في التخطيط لها.
لا شك أن داعش قد توسعت وتضاعفت بالقوة بسبب إنتماء العديد من ضباط الجيش السابقين من ذوي الخبرة والكفائة الذين لم ينالوا إستحقاقاتهم التقاعدية أوحرموا من العمل في الدولة لأسباب طائفية ولا ينبغي التعامي عن تعداد هؤلاء الكبيرة وأنتمائهم وعراقيتهم. وفي المقابل نلاحظ أن الكثير من المنتمين للمليشيات كانوا مرغمين بسبب الحاجة وإنكار حقوقهم من سياسات صدام، وأن الكثيرين في الحشد الشعبي هم بدورهم مرغمون ماديا أو إجتماعياً، ويأتي أعترافنا هذا بلا نكران وجود أعمال القتل والإستبعاد الطائفي بقيادة سليماني وغيره من المعترفين بسلطة أيران على سير الأمور.
قد يتوهم البعض بأن التجريم بالأنتماء ينم عن قوة الحاكم وأن تجنبه هو شكل من أشكال التسامح أو ضعف الأرادة أو التردد في إتخاذ المواقف الحاسمة، لكني لا أرى ذلك. فالتجريم بالأنتماء ليس من العدالة لأن المنتمي قد لا يسعه التعبير عن إرادته برفض الجريمة. وأن توسيع دائرة التجريم لتشمل الأقارب والمعارف والشركاء الأجتماعيون هو مضيعة للموارد وتجاوز على الحقوق ولا يخدم سوى التطرف في الأطراف المقابلة.