هل بالأمكان الإعتماد على الأحكام الدينية في الحكم على المعتدين بإسم الدين؟
أثارت أحداث باريس الأخيرة والتي قتل فيها العديد من رسامي الكاريكاتير والشرطة والأبرياء، أثارت التساؤلات حول دوافع المهاجمين الذين إستجابوا للرسوم المهينة لشخص الرسول (ص) بالعنف المفرط.
والسؤال الذي على خاطر الكثيرين هو عن ماهية حكم الإسلام على هذه الأعمال؟ وهذا السؤال أصعب كثيراً من ماهو شعور المسلمين تجاه هذه الأعمال وغيرها مما يوصف بالإرهاب، والتي نجد إجاباتها تختلف كثيراً وتعتمد على شخصية من يستمع للسؤال.
طبعا لا أحد يستطيع أن ينتحل لنفسه صفة الكلام بإسم الإسلام سوى الخليفة.. وهذا أحد الأسباب التي تدفع أمثال دولة داعش وحزب التحرير إلى الدعوة لإختيار خليفة يتمتع برعايتهم. لكن السؤال الأوسع هو عن مبدأ إمكانية محاسبة من يقترف الجرائم بأسم الإسلام أو بإسم الأديان عموماً دينياً. والمشكلة ليست بإيجاد من يتكلم بإسم الدين فحسب وإنما في طبيعة الأديان كمجموعة مبادئ أخلاقية عامة سارية المفعول على مر العصور: الأخلاقيات مبادئ تميز بين الخير والشر لكنها لا تميز في المنفعة أو الضرر بين خيرين أو شرين، فهذه وظيفة الساسة أو الإداريون ونتائجها تختلف وتعتمد على عوامل وقتية متغيرة.
محاسبة المعتدين بإسم الإسلام أو الطائفة غير دقيقة إذا تمت بالرجوع لأحكام دينية، الدين يحاسب على الدوافع التي لا يعلمها علم اليقين سوى الله سبحانه وتعالى لذا فالنتائج واسعة تعتمد على جهل القاضي أو على من يستصدر إستنتاجاته إعتمادا على تفسيرات دينية فحسب. لكن النتائج الواقعية التي تسبب الضرر للمسلمين واضحة للعيان وحساب نتائجها عند الأحكام المدنية سهل.
أن الذين يدافعون عن السياسات الدينية والطائفية بالرجوع إلى عهود سادت بها العدالة أنما يتعاملون مع التاريخ بإنتقائية ضيقة، وفي المقابل فأن الذين يحملون الدين مسؤلية فساد الأمور هم بدورهم إنتقائيون في إختيار الأسباب، أما الأحكام المدنية وتفعيل مؤسسات الدولة وإستقلاليتها فهي التي تؤدي إلى النتائج المضمونة.