ما لم يقال بحق الانتخابات العراقية
هنالك الكثير مما كتب حول الانتخابات في العراق ولكن هنالك ما هو مفقود وبديهي مما ينبغي التذكير به.
أن دور المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية في الإشراف على الانتخابات وعلى إختيار المراقبين الدوليين معروف ومدون، ودور برلمان المحاصصة في تحديد أعضاء المفوضية معروف ولا يمكن نكرانه، أي أن إدارة الانتخابات العراقية تخضع لنفس نسب المحاصصة في البرلمان، لذلك ليس من المستغرب، بل من المتوقع، ان تشترك المفوضية مع أهداف أحزاب المحاصصة في التشبث بالسلطة. ولا يقتصر دور المفوضية على الإشراف المباشر، حتى أن إختيار المراقبين الدوليين وعملهم يخضع لتوجيهاتها، وهذا طبعا يعني عدم الحياد حتماً والنتائج المزورة التي يعرفها الجميع.
نادت تظاهرات تشرين ٢٠١٩ بإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، كما نادى كاتب هذه السطور بالأمر نفسه في ٢٠٠٧ والمنادون في تزايد، لكن التساؤل يبقى : هل هنالك مما يمكن عمله لدعم نزاهة الانتخابات دون الاستعانة بالإشراف المباشر للأمم المتحدة؟ والرد الذي لم يسمع لحد الآن هو نعم، في إلغاء دور البرلمان في التأثير على مفوضية الانتخابات، فأن الإشراف على الانتخابات في كثير من الدول التي تمارس الديمقراطية هو وظيفة إدارية ليس لها علاقة بالأحزاب المنتخبة.
علينا أن لا ننسى بأن وظيفة الانتخابات الأساسية هي التداول السلمي للسلطة في حين أن الأحزاب المنتخبة بطبيعة انتخابها تسعى لاستمراريتها بالسلطة وليس من مصلحتها التغيير، وهذا يعني أن الانتخابات لن تأتي فعلياً بجديد طالما كان الإشراف بيد من تختارهم أحزاب السلطة، سواء كانوا من عامة الناس أو من القضاة كما هو الحال الآن.
أن أسهل ما يمكن عمله في البداية هو فصل الرقابة الدولية تماماً عن عمل مفوضية الانتخابات، بحيث يتم تمويل وحماية وإختيار المراقبين الدوليين من قبل الأمم المتحدة حصراً، وهذا طبعاً لا يعني أن الرقابة الدولية أصبحت ملزمة لكنها تحمي حرية التعبير للمراقبين وتسند دور الصحافة في كشف المخالفات والتزوير. ثم إختيار مجلس إدارة المفوضية بالتصويت الحر العلني من بين أعضاء النقابات المهنية ذات لعلاقة، كنقابة المحامين مثلاً، مما يرجح إختيار الشخصيات ذات السمعة والمعروفين بحياديتهم. ولا يخفى أن جميع هذه الاجراءات المقترحة لن تضمن نزاهة hلإنتخابات، ومن المعروف أن عضوية النقابات المهنية أصبحت هي الأخرى مخترقة وخاضعة للتزوير، لكنها لابد أن تقع في ميزان النواهة وتجعل التزوير أكثر إنكشافاً وخاضعاً لتمحيق الرأي العام من خلال الصحافة ووسائل التواصل العالمية