حسابات مرسي الخاطئة
أثارت قرارات الرئيس المصري محمد مرسي الأخيرة التي لا تقبل النقض من قبل السلطات القضائية حتى إقرار الدستور الجديد، والذي هو بدوره قد أصبحت كتابته تحت رحمة الإخوان المسلمين بعد إنسحاب الأقباط والليبراليين من لجنة كتابة الدستور، أثارت ردود الفعل العنيفة والتظاهرات في ميدان التحرير بين معارضيه والدهشة بين المراقبين الحياديين، ولكي نتفهم عامل الدهشة علينا بالرجوع إلى الإنتخابات التي أدت لفوز مرسي وموقف المجلس العسكري الذي أشرف على الإنتخابات وقبل على مضض فوز مرشح الإخوان والإسلاميين، حيث كان من المعروف أن المجلس يفضل فوز المرشح الآخر: أحمد شفيق.
كان من المعتقد أن يلجأ المجلس العسكري للغش وذلك لضمان فوز مرشحه في الإنتخابات لكن يبدو أن المظاهرات المستمرة والتوقعات الرائجة في حينها قد أقنعت المجلس بالإبتعاد عن التدخل في صناديق الإقتراع، لا سيما وأن مراقبي الصناديق متنوعين والأفواه عديدة والتاريخ يلقننا بأن الأسرار السياسية في مصر لا تبقى أسرارا لفترة طويلة . العبرة هنا في السبب الذي أدى إلى نزاهة الإنتخابات، لم يكن هذا السبب قوة الإخوان أو كارزما المرشح محمد مرسي، بل كان زخم الربيع العربي والجماهير الواسعة من غير المنتمين لتيار الإخوان من الذين أظهروا إستعدادهم للمجازفة بالخروج في مظاهرات وإحتجاجات إذا ما فاحت رائحة الفساد من طبخة الإنتخابات.
نال الرئيس مرسي الكثير من الإطراء والتقدير بعيد وساطته بين إسرائيل وحماس للوصول إلى إتفاق وقف إطلاق النار وحقن الدماء في غزة، ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى زيادة شعوره بالثقة بالنفس، وجاء التعبير عن ذلك سريعا وبعد 24 ساعة فقط من إعلان الهدنة حين كشف الرئيس المصري عن قراراته الكاسحة. والدهشة لا تأتي فقط من سرعة القرارات والتي قد تفسر بأنها تعبير عن ضعف الثقة بإستمرار الهدنة، ولكن من توسيع تفويض الرئيس على حساب الإتجاهات والتيارات التي ضمنت نزاهة الإنتخابات والتي تستطيع أن تضمن نزاهة الإنتخابات الجديدة والتي قد لا تجيئ بنتائج تسر الرئيس.
جائت قرارات الرئيس مرسي الأخيرة بدلائل جديدة على عدم ثقته بنزاهة العملية السياسية التي أدت إلى فوزه أصلا في الإنتخابات، وهذه نتيجة من نتائج القرارات المتسرعة التي تستدعي إعادة النظر و ترجيح إلغائها حفاظا على تماسك الجبهة الوطنية.