إنما الأعمال بالنيات..لكننا بشر زائلون
أن أي نداء بإجراء التعداد السكاني سوف يقابل بالترحاب وقد نادى وزير التخطيط العراقي علي بابان والدكتور مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للإحصاء بتصريحات تفصيلية عن خطة لتعداد السكان والإستعدادات لهافي تشرين الأول أكتوبر من العام الحالي. وهذه ليست المرة الأولى لإعلان النوايا والتحضير للتعداد لكنها تختلف عن سابقاتها بتوقيتها والدعم الحكومي الواضح، فالتوقيت جاء في ولاية الرئيس الأمريكي أوباما الذي لا يتبع جميع نصائح المحافظين الجدد كسابقه جورج دبليو بوش، علما بأن قرار تأجيل تعداد السكان هو من صميم سياسات المحافظين الجدد، والدعم الحكومي لهذين الشخصيتين من التكنوقراط النزيهين وهما يتمتعان بالسمعة الحسنة وبثقة رئيس الوزراء نوري المالكي في نفس الوقت.
إستوقفني أمران من التصريحات ، أولا التأكيدات الكثيرة على أهمية التعداد ونزاهته ولا إختلاف عليه لكن الأسباب التي منعت حصوله في السابق كانت أسباب سياسية ولم تكن بيد التكنوقراط. ثانيا الوعد بالحفاظ على سرية البيانات المستخلصة من التعداد، وهنا مدعاة للضحك وشر البلية ما يضحك، والسبب ليس لأن عدد المشاركين في التعداد كبير ولا لأن الصحيح هو إشهار البيانات لكي تعم المنفعة وتوحد رؤيانا لكن لأن العراقي مفتح باللبن يعني لا يوجد أسرار سياسية في العراق والذي لا يفهم هذه النقطة لا يفهم العراقيين. أي أن وزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء سوف لن يتمكنا من الحفاظ على سرية البيانات رغم نواياهم الحسنة بذلك. والمشكلة الأكبر في عدم الإشراف الأممي على التعداد هي بالذات في محاولة جعل البيانات سرية بحيث لا يتم التأكد منها إلا بالرجوع الى السلطة القائمة، وإذا ما إستمرت النزعات الطائفية على ماهي عليه في الوقت الحاضر فإن إجراء التعداد على هذه الطريقة سوف لن يؤدي إلا الى المزيد من التفرقة.
لا جدال حول أهمية التعداد ولا حول نوايا المخلصين لكننا بشر زائلون لا نستطيع أن نحاسب على النوايا التي علمها عند الله بل على النتائج التي سوف نراها بأم أعيننا، والتعداد بدون إشراف أممي مباشر في هذه الظروف ينذر بنتائج غير مضمونة الفائدة للوطن.