كيف تعرف النوايا؟
أن ما يجري في أيران الآن من إنتخابات ومواجهات يصب في صميم إهتمام الناخب العراقي، ليس حصرا لأن أيران دولة جارة وذات نفوذ على بعض الأحزاب العراقية ولكن لأن توقيت الإنتخابات يقع على مقربة من تعداد النفوس والإنتخابات القادمة في العراق، فسريان العملية السياسية في إيران يؤثر بمقدار ما على ما سوف يحصل في العراق.
لا شك أن أحمدي نجاد شخص ذو شعبية وقبول في الأوساط الكادحة من الشعب الأيراني، ويمتاز بالتواضع وعدم إستغلال السلطة ويذكرنا نحن العراقيين بسيرة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الذي إغتيل وهو على حال من التواضع والنزاهة والشعبية، وقيل أنه كان ينوي إجراء الإنتخابات في العراق في نفس العام الذي أغتيل فيه ويفهم ضمنا أن إنتخاباته المؤتملة كانت ستكون حقيقية ونظيفة نظافة عبد الكريم قاسم ومنقذة لمجريات الأمور، متناسين أنه هو الذي ضرب الشيوعيين والبعثيين والقوميين وغيرهم ولم يكن يسمح لأحد بإنتقاده، لذا نتسائل: كيف تعرف النوايا؟ وكيف تأتمل إنتخابات حقيقية من الزعيم الأوحد؟ أليس من الأرجح أن تكون أنتخابات شكلية تجرى بقصد تثبيت حكمه؟
أعترف أن كل هذه التساؤلات قد تبدو بعيدة عن واقع هذه الأيام وأن حسنات الزعيم تفوق سيئاته، لذا أرجع الى واقع الإنتخابات الأيرانية. فالنتائج التي جائت بتفوق أحمدي نجاد بهذا الفارق الكبير(63% مقابل 34% لصالح موسوي) فاجأت الكثيرين، وطبعا يدعي الخاسرون (حقا أم باطلا) بتزوير الإنتخابات، ويلاحظ مراسل البي بي سي في دائرة من دوائر طهران بأنه لم يستطع أن يجد شخصا واحدا ممن يساندون أحمدي نجاد قبيل التصويت في هذه الدائرة ثم جائت النتائج بإكتساح أحمدي نجاد في هذه الدائرة بالذات. بعدها جائت المظاهرات والقمع والإعتقالت بين صفوف المعارضة، ويقلق البعض فينا نحن العراقيون من إعادة المشهد نفسه في إنتخابات العراق القادمة.
ولكي نستشف شيئا ما عن النوايا نلاحظ مسيرة الحملة الإنتخابية السابقة للتصويت، فالنقاش الحاد والإتهامات المتبادلة كانت فوق المستوى المعهود حتى على معايير الإنتخابات في الدول الغربية، ومما يثير الإنتباه هوطعن أحمدي نجاد في شرف وأمانة غرمائه الإنتخابيين، وهذا خلافا لما هو مسموح به لأنه يشكل رأيا بعدم أهلية الغرماء للترشيح أصلا، ويدفعنا للتسائل: هل هذا الموقف هو نوع من التكفير والتبرير الإخلاقي لإبعاد الغرماء بالتزوير؟ لا ندعي معرفة الحقائق على أرض الإنتخابات الأيرانية ولا نعلم النوايا لكننا نلاحظ أن الدكتاتورية تبرر الإستبداد بطرق مشابهة.