مالذي تبقى من هيبة الدولة؟
أن هيبة الدولة في ظروف كالتي نعيش فيها الآن ليست من الكماليات التي قد نستغني عنها اليوم لكي نستعيدها لاحقا، بل أنها من ضروريات التصدي للأرهاب والوقوف أمام محاولات زعزعة الإستقرار التي تغذيها أطراف متعددة، فالدولة حين تفقد هيبتها يزداد تحدي خصومها ويقل الأمان. وأن قانون تكميم الصحافة المزمع إصداره يسهل فهمه في سياق هيبة الدولة، حيث أن بعض الحكومات حين تشعر بأن الصحافة الحرة قد أصبحت تهدد هيبتها تسارع في تكميم الصحافة وتهدد حرية وسلامة الصحفيين، ومن الطبيعي أن يؤدي مثل هذا التصرف الى نتائج عكسية في دولة مفتوحة الأبواب والشبابيك كما هو الحال في العراق. ومنذ بضعة أيام قام وزير الدفاع بطرد (كذا) الصحفيين الذين جائوا مدعوين لحضور جلسة إستثنائية للبرلمان بخصوص التفجيرات الأخيرة، وغيرها كثير من الأمثلة التي تعزز الإعتقاد بأن حكومتنا لم تعد تتمتع بالهيبة وأخذت تستهدف الصحفيين لعجزهاورغبتها في التغطية والتعتيم.
علي أن أشير بوجود بعض الدلائل بأن عدم الإستقرار ، أو التصدي له على وجه التحديد، قد يساعد على إنتخاب الحزب الحاكم بسبب تعاطف وتجاوب الناخبين، وكان هذا واضحا إبان الإنتخابات الرئاسية للفترة الثانية للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، حيث كانت شعبيته تتزايد كلما رفع درجة التأهب، مما دفعه لزيادة درجة الإنذار العام تحسبا من هجمات إرهابية مع إقتراب موعد الإنتخابات.. ولكن هنالك الإنطباع بأن تكميم الصحافة ما هو إلا محاولة للتعتيم على المنفذين الحقيقيين للأعمال الإرهابية الجبانة المرتكبة في الآونة الأخيرة، ولم يعد الإرتباط بين بعض كوادر الدولة وهذه الأعمال سرا يخشى البوح به بل أصبحت هيبة الدولة على المحك فإما العدالة على الجميع وإما زالت الهيبة.
أن الرأي العام العراقي قد أثبت أصالته ورفضه لمنطق الطائفية في أعقاب التفجيرات المتصاعدة وهو يستحق على أقل تقدير معرفة الفاعل ومن له مصلحة في إعادة التخندق الطائفي للإنتخابات القادمة، وأن قادة الرأي هم الصحفيين الأشراف أمثال الشهيدة أطوار بهجت، جان دارك العراق، الذين أستمروا في العطاء وكشف الحقيقة أمام أعين الناس. لذا ندعو الى رفع التجاوزات عن حرية الصحافة فلا مصداقية للعملية السياسية بدونها.