سيناريو الكش ملك في انتخابات العراق القادمة
يخطئ الذين يحاولون تفسير دوافع استبعاد الخمسة عشر كيانا من قبل هيئة الرقابة والعدالة على أنها قد اتخذت لأسباب تخص العراق داخليا، أجل أن العملية السياسية العراقية معقدة وهنالك الكثير من التفاصيل المخفية لكن حجب هذا العدد من الكيانات في هذا الوقت ولأسباب غير معلنة مثير للريبة، كما أن الشارع العراقي قد تقبل هذه الكيانات منذ سنين عدة ولا أحد يشك بأن أصحابها هم من داخل العملية وليسوا من المدافعين عن الإرهاب. لذا فأن سياق هذا القرار يتعدى المجال العراقي الضيق إلى صرا عات الشرق الأوسط ولابد من البحث عن الأسباب الخارجية والتي تفسر القرار بطريقة أفضل وتصلح للتنبؤ بما يلي من أحداث.
ليس هنالك مجالا للشك بأن الجهة المؤثرة في القرار هي إيران حيث أن رئيس الهيئة قد سبق اعتقاله من قبل القوات الأمريكية لارتباطه بها والجهة المقابلة الأكثر احتمالا والمعنية بهذا التصعيد هي الولايات المتحدة، ولو حركنا عجلات الموقف لكي نستقرئ المستقبل ونرى الردود المحتملة من البدائل المطروحة أمام الولايات المتحدة لما وجدنا إلا القليل. فعلما بأن سياستها تعتمد أساسا على التوافق بين الأطراف و على التحريك من خلال الأحزاب الصديقة نجد أن هذه الأحزاب قد تقلصت لحد كبير في سياق هذا القرار لاختلافها معها على أسبابه ولم يعد أمام الولايات المتحدة إلا المحاولات اليائسة والظاهرة لنقض القرار، فإن نجحت فسوف تكون على حساب إضعاف الكيانات التي جاءت أصلا لكي تعيد اعتبارها وفي توقيت ليس من اختيارها، وإن فشلت فسوف تبدو إيران قادرة على إملاء إرادتها من خلال أحزاب تعتبرها الولايات المتحدة حليفة لها.
أن قرار الاستبعاد يحاصر النفوذ الأمريكي في العراق وكأنه حركة الكش في الشطرنج: على أمريكا أن تغير سياستها وإلا أطاحت بالعملية السياسية برمتها، ونحن نأمل أن ترى مخرجا في دعوة الأمم المتحدة للإشراف على تعداد السكان والانتخابات فلم يدع هذا القرار مجالا لقبول مصداقية مؤسسات الدولة في العدالة، ونأمل أن لا تنساق الكيانات المستبعدة وراء التوافقات الأمريكية على حساب استقلال الإرادة العراقية.