كلنا طائفيون
نحن طائفيون حين نصلي لله تعالى بطريقة واحدة نرضاها ولا نرضى بغيرها، ونحن طائفيون حين نتفق مع خطيب الجامع ولو بقلوبنا مع أفكاره الطائفية الضيقة. ورجل الدين حين يدافع عن طائفته ويخطئ الآخرين فهو طائفي، ولا عيب أو مفاجئة من ذلك فلو لم يكن طائفيا لما وصل الى مركزه هذا. ولا عيب من الطائفية في الدين لو إنحصرت فيه ولكن الشر يكمن في من يمارس الطائفية في السياسة وإدارة أمور الدولة، ولا حاجة للإسهاب في هذه الممارسات فهي منتشرة في جميع أركان الدولة العراقية وواضحة لعيان العراقيين، وهذه النقطة مهمة فالعراقيون وحدهم هم الذين بإستطاعتهم، بل من واجبهم، التمييز الدقيق بين من هو طائفي ومن العادل، ولا يغرنهم المظاهر والكلام المعسول عما هو حقد دفين. والحقد الطائفي لا يحتاج إلا الى شئ من الخوف لكي يظهر، والخوف وحده قادر على إظهار الحقد سواء كان طائفيا” أو من أخ لأخيه أو لجاره أو صديقه.
أن الطائفية في الدين متوقعة ومقبولة لكن إثباتها في الدستور والقوانين هو من باب المحاصصة التي أُتبتت فشلها في عراق اليوم، فدستورنا وبرلماننا بلا شك طائفيين، لكن علينا أن لا نستسلم لطغيان الطائفية فقد علمتنا الأيام بأن إستمرار الحال من المحال، فماذا نريد؟
نريد إستقرارا وأمانا” ، بل نريد ماهو أبسط من هذا : نريد أن لا تؤدي اختلافاتنا المبنية على الطائفية والأخرى اللتي هي في داخل الطائفة الواحدة الى الأقتتال، وأن تحل هذه الاختلافات بالطرق السليمة المناسبة لحضارة الأنسان في القرن الحادي والعشرين. لقد طالعتنا الأنباء بالانتخابات الرئاسية في كينيا التي شابها التزوير بشهادة المراقبين الدوليين، وأدت النتائج الى مصادمات وعنف طائفي بين أحزاب لم تكن طائفية في السابق، والنتيجة هي مقتل 300 شخص في يوم واحد ولا تزال الأحداث جارية. يفهم من هذا ثلاثة امور :أولا” أن الأختلافات الطائفيه حين تدخل الأنتخابات مع التزوير تؤدي بلا شك الى العنف وثانيا” أن مجرد مراقبة الأنتخابات لا تكفي لمنع العنف إنما يجب الاشراف الأممي المباشر، أما الأمر الثالث فهوأن التزوير والفساد يصبان في مصلحة استمرار الوضع القائم، فأن رئيس كينيا المنتخب زورا” حين يختال فرحا” ويدعو المعارضة لأتباع الطرق القانونية في تحدي نتائج الانتخابات يعلم جيدا” بأن القضاة والمحاكم والطرق القانونية جميعها في جيبه.. فما نريده للعراق هو الاشراف الأممي على الانتخابات لتجنب العنف وتسهيل انتقال السلطة، ولكن أين نحن الآن مما نريده؟أن إدخال الأمم المتحدة للاشراف المباشر على العملية الديمقراطية سوف يوضح الكثير من الأمور الهامة المتعلقة بسكان العراق لكن هنالك ضبابية تشجع الأحتلال وحلفائه في الساحة العراقية على الإعتقاد بأن دورهم أكبر مما هو في الواقع. والضبابية هي في عدم وضوح الرؤية في من هو عراقي وما يجسد إرادة وتعددية الشعب ثم ما يشجع على سياسة تحت العبائة، والإشراف الأممي يزيح تلك الضبابية، والمنتفعين ينكرون وجودها والأمريكان يقللون من أهميتها.
كما أشرنا فأن دوام الحال من المحال والضبابية سوف تنقشع ولكن متى؟ أن إنتخابات الرئاسة الأمريكية سوف تأتي برئيس جديد وعلى الرئيس الحالي إختيار أحد أمرين لا ثالث لهما بالنسبة لأي إتفاقات سرية: أما إعلام الرئيس الجديد بضرورة إستمرار العمل بها أو إلغائها قبل نهاية فترة رئاسته. هذا سوف يكشف بعض من سياسة تحت العبائة أما عن ضبابية هوية العراقي والأنتخابات فليس أمامنا الآن الا النداء لأجراء التعداد السكاني والانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.