عودة موافج
موافج باللهجة العراقية تعني موافق، وهي كل ما كان يردده بعض اعضاء مجلس النواب في العهد الملكي إشارة لموافقتهم المسبقة على جميع قرارات الحكومة التي يدينون لها “بتعيينهم” في مناصبهم.. ونحن هنا نلاحظ إستمرار المواقف السابقة ولكن ليس في مجلس النواب وإنما في المحكمة الفيدرالية العليا.
فقد أوضح الكاتب ريدار فيسر في مقالة يوم 4 أغسطس آب أن المحكمة العليا قد أصدرت قرارا في 14 يونيه حزيران بالإجماع يقضي بمنح الأقلية الأيزيدية مقعدين وذلك إستنادا لتعداد السكان لعام 1997 الذي بين أن مجموع تعدادهم هو 200 الف نسمة وهو ما يعادل مقعدان في المجلس. وليس في هذا القرار للوهلة الأولى شيئ غريب لولا أن المحكمة ذاتها قد أصدرت قرارا ايضا بالإجماع في 20 يوليه تموز 2009 يناقضه، وهذا القرار الذي رفض الإنصياع للتقسيم الطائفي لتحديد عدد الاعضاء بنسبة نفوس الأقليات في كركوك وإستند للدستور الذي وصف أعضاء المجلس بأنهم “يمثلون الشعب العراقي بأكمله ولا يقتصر تمثيلهم على مكون واحد” . ومهما حاولنا تبرير القرار الأخير لإنصاف الأقلية الأيزيدية التي لا شك أنها قد عانت الكثير من وراء التمييز الطائفي السلبي فلا يمكن نكران أن القرار الأخير هو قرار سياسي مثله كمثل قرارات تفسير الكتلة الأكبر للفقرة 76 من الدستور وأن إجماع أعضاء المحكمة في تأييد هذه القرارات دليل على أن هذه المحكمة التي تمثل المرجع الأخير للإحتكام في إرساء الديمقراطية لم تعد تؤدي عملها في حماية الدستور بل أصابها التسييس الذي أصاب جميع مرافق الدولة. ونلاحظ أن القرار الأخير لم يأتي بأثر رجعي كما هو الحال بقرارات التفسير مما يعزز الإستنتاج بعدم دستوريتها.
ولا يخفى على أحد أن التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة ورائه عوامل داخلية وخارجية، ولا نستثني أحدا من الملام، لكننا نتسائل لو أن المحكمة العليا قد تصرفت بأقل مايمكن من المسؤولية وأمتنعت عن إصدار القرارات المتناقضة والمسيسة على طريقة “موافج” لحين تشكيل الحكومة الجديدة لساعدت، ولو بشكل بسيط، على سرعة تشكيل الحكومة.