الى الرئيس الأمريكي المنتخب

نحن عراقيون لا يخفى علينا أن جوازات السفر وأوراق الهوية يمكن الحصول عليها بالمحسوبية أو بالمال من داخل العراق. ولا يخفى علينا أن المسؤولين عن إصدار الآلاف من الجوازات لغير العراقيين من سفارتنا في السويد قد عادوا الى مناصبهم الأصلية بعد وقت قصير من الفضيحة التي أدت الى سحب الإعتراف بالجواز من فئة والى معاناة الملايين من المهجرين.

لذا فنحن عراقيين حين نسمع بأن صديقا عزيزا لنا في بلاد الغربة، وغيره لعلمنا كثيرون، نعرفه حق المعرفة عراقي أبا عن جد قد رفض طلبه لإستصدار جواز سفر بسبب تقديم صورة شهادة الجنسية وليس الأصل لا يخفى علينا بأن الأمر ليس من قبيل إظهار الحرص المفرط لحكومتنا على إستصدار الوثائق الرسمية لأننا نعرف بأن سجلات تعداد النفوس والجنسية موجودة في العراق ودول أخرى وفي الأمم المتحدة ولو أرادت الإدارة المختصة لتأكدت منها بسهولة، ونعلم بأن مستندات الجنسية والهوية هي أصلا ملك الدولة وليس الأفراد وهي المسؤولة عن إثباتها، ولكن التظاهر بالحرص والأصولية لتغطية الفساد والتحيز قد بلغ أعلى مستوياته في العراق ولا سبيل الى تطبيع الأوضاع وتحسن الأمن إلا بإتباع إجرآت جذرية.

أن فقدان بيانات النفوس أو إضاعتها لها نتائج تتعدى معاناة الأفراد، فهي تؤثر على الأمن والإستقرار وتوازن القوى في العملية السياسية، لكن من أوسع نتائجها وأعمقها أثرا هو فقدان الملايين من المهجرين العراقيين لحقوق الإنسان المضمونة في لائحة الأمم المتحدة من كرامة الإنسان و حرية الإنتقال والأمان وإستلام المعونات الدولية، كما وأن من تداعياتها تهديد أمن وإستقرار دول الجوار والمنطقة عموما، مما يجعل معالجتها من صميم مسؤولية مجلس الأمن للأمم المتحدة. ولا يخفى علينا أن بعض المسؤولين في الحكومة العراقية يدلون بتصريحات جريئة يدعون فيها لتعداد النفوس بتنسيق وإشراف داخلي، ولا نشك بحسن نية هؤلاء وغيرتهم على سيادة الدولة وإشرافها التقليدي على التعداد لكن علينا أن ننبه الى إحتمالات مكلفة من جراء المسير في هذا الإتجاه: أولا أن تحديد معايير الإستحقاق للجنسية العراقية هو مسألة شائكة وأن الخوض فيها لابد أن يثير الجدل والإنقسام والحل السليم هو في إحالتها الى الأمم المتحدة فهي الجهة المختصة ذات المصداقية لدى الجميع التي تستطيع الأشراف على التعداد والحفاظ على النتائج وتوزيع المستندات بالشكل العادل، ونذكر بأن أي دور خارجي غير محايد في تحديد معايير المواطنة سوف يضر بمصالح الجهة المتدخلة في المدى البعيد، حتى لو كانت هذه الجهة هي الولايات المتحدة. ثانيا أن إدراج موضوع التعداد تحت بند المساومة السياسية قد يؤدي الى موقف شبيه بإتفاق قانون الإنتخابات المحلية، أي أن نصل الى تعداد جزئي لا يغطي مساحة العراق بكاملها و لا يلزم جميع الأطراف، والحل هو في إستصدار قرار من مجلس الأمن يكون ملزما لجميع الأطراف. لذا ننصح السادة ذوي الشأن بتوفير جهودهم ودعواهم لتعداد السكان بدون إشراف دولي.

وبمناسبة قرب إنتخاب رئيسا جديدا للولايات المتحدة مع ما سوف يرافق ذلك من سياسات جديدة للتعامل مع الواقع العراقي نود أن نوجه نداء مفتوحا للرئيس الجديد كما يلي:

نحن عراقيون لا يخفى علينا أن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش قد تفاوضت بالسر والعلن مع حلفائها من الأحزاب العراقية بما فيهم من تيارات الإسلام السياسي، ونرى فيها من التحالفات التي سلبت العملية السياسية من مصداقيتها وأفقدت الأمل في الديمقراطية كوسيلة لتغيير الحكم نحو الأفضل، بل شرعنت التدخلات والتزوير في الإنتخابات وأدت الى التوقعات بإستمرار الحكم على نفس الأسلوب. أن إستمرار إشراف الولايات المتحدة المباشر على العملية السياسية في العراق يستغل من قبل حلفائها العراقيين في القمع والفساد وترسيخ الممارسات الطائفية والتعسفية المغطاة بعناية بقشرة توحي بالعكس، لذا ندعو الرئيس المنتخب الى إستصدار قرار من مجلس الأمن ملزم لجميع الأطراف لإنتداب الأمم المتحدة للإشراف المباشر على عملية تعداد السكان والإنتخابات لفترة محددة، وتقبلوا فائق التحيات.

Leave a Reply

You must be logged in to post a comment.