ما حظت برجيلهه..

قد قيل ما فيه الكفاية عن حادثة قذف الحذاء بوجه جورج دبليو بوش، فالواقعة بحد ذاتها من ناحية قانونية و إخلاقية ليست بالكبر الذي يستحق الإنتباه الواسع، رغم إن العديد من المسؤولين يلوحون بالنقمة وبالقصاص القانوني ويصفها بأنها قلة أدب وكأن الدولة قد إنتهت من محاسبة الجرائم الكبرى وأصبحت الآن تحاسب على بسائط الأمور.

وقد لا نتفق على نعت الصحافي منتظر الزيدي بالبطل، فهو بطبيعة عمله عالم بالنتيجة المتوقعة وهو بذلك كما عبر جورج بوش نفسه طالب للإنتباه وغير ذلك، لكن بلا شك أن الواقعة لها بعد إعلامي عميق وأهميتها تكمن في علاقتها بحرية التعبير، ونحن إذ نتحدث عن تداعياتها الآن ذلك لأنها تسلط الأضواء على مدى إحترام حرية التعبير في عراق اليوم. أن من تداعياتها المؤسفة وقوف العديد من العراقيين الذين يحسبون أنفسهم على التيار الديمقراطي ضد حرية التعبير وبجانب تكميم الأفواه، ليس فقط للصحفي لكن للجهات التي لا يتفقون معاها وكأن الديمقراطية تعني شيئا مختلفا لكل حزب معناه حسب الإتجاه السياسي. أين الآراء التي تدافع عن حرية التعبير للخصوم؟ بل أين كفاح ومعاناة الذين تعرضوا للظلم أيام دكتاتورية صدام؟ وأين الدروس التي تعلمناها من القمع والإستبداد؟ أن العملية السياسية بحاجة الى شمول جميع الإتجاهات أذا أردنا ضمان المصداقية والإستمرارية وتغيير السلطة بالوسائل الديمقراطية.

هنالك تشابها للواقعة من ناحية البعد الإعلامي والعلاقة بإحترام حرية التعبير مع كتابات سلمان رشدي في إنكلتره ومع الكاريكاتيرات المسيئة للرسول (ص) التي نشرت في الدنيمارك، فجميع هذه الوقائع هي حالات تحدي لدفع حدود حرية التعبير، لكن شتان بين ما جرى في الغرب وبين ما يجري في بلادنا: فالغرب يدافع عن حقوق أبنائه في التعبير ونحن نهين ونعذب ونجد في الواقعة سببا لإسكات الآخرين. بل يبدو أن أحد الذين ساهموا في الركل الموجع هو نفسه صحفي ، وكل ذلك لكي يرضي العتاه عن جهل الجانب الأمريكي ، وأقول عن جهل لأن الأمريكان هم من أكثر الأقوام إحتراما لحرية التعبيرولا يسرهم إهانة فرد لممارسة حقه الدستوري، لذا فعتاتنا اليوم كان أجدى بهم أن يرضوا العراقيين لكنهم سعوا وراء الأمريكان و لم يفلحوا في إرضائهم وبهذا خسروا الجانبين: ما حظت برجيلهه ولا خذت سيد علي.

Comments are closed.