مناورة الأخطبوط

ينفث الأخطبوط سحابة من الحبر الأزرق حينما يستشعر الخطر لخلق منطقة من الغطاء التي تمكنه من التمويه للأنسحاب أو الهجوم على خصمه بدون التعرض لأذى، وتكثر هذه الأيام المقالات واللآراء التي لا تذكر مصادرها والتي تهاجم أو تدعي كذبا أو تذكر آراء جارحة بلغة ركيكة وما هي إلا جهودا للتغطية على ضعف في مواقف مطلقيها وإعطائهم الفرصة للتراجع أو الهجوم من فتحة جديدة لدى خصومهم.

وفي سياق تحركات سحب الثقة صرح رئيسنا الموقر مام جلال يوم أمس بأن “نصاب” معسكر المطالبين بسحب الثقة لم يكتمل لأن لجنته التي كلفها بتعداد التواقيع المطالبة قد تأكدت من أسماء 157 فقط وهذا يقل بستة أصوات عن المطلوب لنجاح سحب الثقة وذلك بعد إنسحاب البعض و”تعليق” تواقيع البعض اللآخر، ولكن لم يذكر أي واقعة للتزوير في التواقيع. نجد أن إستعمال وصف النصاب ليس في مكانه فالتواقيع ليست بالحضور أصلا مما يوحي بأن الطالباني ومن في جانبه سوف يمتنعون عن الحضور في أي إجتماع لمجلس النواب يدرج فيه إقتراع سحب الثقة. ونجد بعض الوقائع التي تدعو للإعتقاد بنوايا التمويه والتغطية في مقالة ريدار فيسر التي قامت بتحليل حيثيات التصريح، فقد وجد فيسر أن تعداد التواقيع الذي جاء به التصريح لم يحتوي على أي من الأسماء من قائمة الطالباني وبعض المستقلين الذين ساندوا سحب الثقة أصلا ولم يكونوا من بين المنسحبين. لا نستطيع الإفتراض بأن الحذف كان عفويا فالأرقام تقترب في مجموعها من المستوى الحرج بين النجاح والفشل وأي زيادة أو نقصان يحمل في طياته نتائج بعيدة الأثر. والتفسير المعقول هو أن مام جلال قد أعطى لنفسه حق التوقيع نيابة عن أعضاء كتلته الأثني عشر وهذا الإمتياز لم يتمتع به أي من رؤساء الكتل والأحزاب الأخرى، والواقع هو أنه لا يستطيع منع أي منهم من مساندة سحب الثقة. يستبق مام جلال التصويت بطلب قائمة تواقيع بأعضاء مجلس النواب المساندين لمشروع سحب الثقة ونتسائل إذا ما فائدة الديمقراطية؟ أليس التصويت هو السبيل المشروع لأيجاد التواقيع؟ لكنه يناور كالأخطبوط لأخفاء عجزه عن توجيه أعضاء حزبه.

أنتقد مام جلال بعيد ظهور نتائج الأنتخابات النيابية الأخيرة قيادة أياد علاوي لأنه لا يستطيع إدارة كتلته فكيف يستطيع إدارة بلد كالعراق؟ والآن دارت الدوائر لنرى أنه لا يستطيع قيادة حزبه ويغطي على عجزه بالتمويه، وإلا لطلب إجراء تصويت عدم الثقة وظهرت جميع التواقيع المساندة والمعارضة كما يحصل في الديمقراطيات الفاعلة.

Comments are closed.