ما الذي يحصل في سوريا اليوم؟
مع تسارع الأحداث في الشرق الأوسط عموما وفي سوريا على وجه الخصوص تزداد الحاجة لوضع المستجدات الكثيرة في نصابها من أجل أن نرى الصورة المتكاملة، فالتفاصيل كثيرة ووسائل الإعلام تنتقي ما تشاء بغرض كسب المزيد من المستمعين أو القارئين لكنها تهمل ما هو ليس في خدمة توجهاتها.
لاشك أن المواجهات بين المعارضة السورية والحكومة تتسبب في سقوط العشرات وربما المئات من القتلى يوميا ولا شك أن الفيتو الروسي والصيني يقفان حائلا أمام التوجهات الغربية ولبعض الدول العربية لمساعدة قوات المعارضة، والموقف في تأزم والجالية العراقية هي الأخرى تتعرض للأرهاب والأذى والأسعار المتضخمة التي بلغت أربع أضعاف المعتاد وهي الآن بين نارين، نار البقاء في سوريا حيث كان الأستقرار لسنين خلت أو العودة القسرية لوطن يفتقر لأبسط الخدمات، علما بأن الكهرباء في المناطق الشمالية والتي تخضع للمعارضة أصبحت الآن تستمر لساعتين يوميا فقط .
تناقلت الأخبار نبأ إعادة تخزين الأسلحة الكيمياوية التي تمتلكها الحكومة السورية وأشارت التصريحات الغربية بأهمية هذا النبأ حيث أنه قد يعني وجود النية لدى الحكومة لأستعمال هذه الأسلحة ضد المعارضة، وأشار آخرون إلى إحتمال نقل هذه الأسلحة ومواد عسكرية أخرى إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله في لبنان حيث يفهم أنها قد تستعمل في مواجهات محلية أو دولية وتسبب وضعا من عدم الإستقرار. ولذلك يشكل نبأ إعادة التخزين خطوة تستحق الرد الفوري من المعارضة من ناحية ومن المجتمع الدولي من ناحية أخرى، ولم ننتظر طويلا حيث قام الجيش السوري الحر وهو مجموعة من المنشقين من الجيش النظامي بتحركات في قلب العاصمة شملت تفجير مركز إجتماعات لجنة الأمن الحكومية يوم الأربعاء الماضي التي أدت إلى مقتل أربعة من الوزراء أو المقربين من قيادة الرئيس بشار الأسد، وبذلك قام بنقل المواجهة إلى داخل المدن الكبرى بما فيها العاصمة ومدينة حلب التي تخضع لمواجهات عنيفة حاليا، وأهمية تغيير مواقع المواجهة تكمن في إستحالة إستعمال أسلحة التدمير الشامل مثل الأسلحة الكيمياوية في هذه المواقع. لكن التداعيات الأهم هي إزدياد وتيرة الإنشقاقات بين صفوف الجيش النظامي حيث أن جزء من المنشقين ينظم إلى المقاومة بأسلحته وعتاده والتي تفتقر المقاومة لها كثيرا، وهذا ما حصل للجيش الحر مما دفع بموازين الصراع لجانبه ليس في مواجهة الحكومة المركزية فحسب ولكن في إكتساب الشرعية في التحدث بأسم المقاومة أمام المجتمع الدولي وإنتزاعها من فصائل ومنظمات المقاومة الأخرى كالأخوان والسلفيين والمجلس الوطني برئآسة عبد الباسط سيدا.
التغيير في سوريا آت لا محالة والنتائج سوف تطال جميع دول الجوار لكن حكومتنا لا تزال تتمسك بموقف مساندة الوضع القائم مما يدفعنا للتساؤل: ما هي حسابات السياسة والمواقف الأقليمية؟ هل هي نابعة من الحفاظ على المصالح العراقية أم هي إستجابة لضغوط إقليمية ومقايضات من أجل الحفاظ على مصالح ضيقة؟ بأي حال سواء في سوريا أو العراق: دوام الحال من المحال.