لا تطالبوا بالتغيير
جائت معظم إنقلابات الحكم في العراق بعد إحتجاجات شعبية والتي كانت تمهد للتغيير ولظهور قادة جدد بين ليلة وضحاها، ويتلي غليان العواطف بعد سنة أو سنين قلائل إنكشاف نوايا هؤلاء القادة، فجميعهم يضع إستمرارية بقائه وهيمنته على هرم السلطة في قمة أولوياته، فهو رجل العراق القوي الذي جاء بشرعية الإستحقاق الثوري وبذلك فقد وهبه الله حق الزعامة لأي فترة يختارها هو.
لا يخفى أن العديد من المراقبين والسياسيين والمشاركين في التظاهرات يأمل في التغيير على نفس طريقة السابق، أي بظهور رجل قوي آخر يفرض زعامته بالإستحقاق الثوري، وعلى طريقة هتلر وستالين يستطيع أن يعيد الكهرباء والوظائف والأمان إلى ما كانت عليه.
الجماهير اليوم تطالب بالتغيير بعد أن ضاقت ذرعاً بالطبقة السياسية الفاسدة لكنها مندفعة عاطفياً، فبعد المطالبة بنزاهة الإنتخابات وتوفير الكهرباء ومحاربة الفساد أضيف إلى القائمة توفير فرص العمل وإستكمال المشاريع المتوقفة وشحة المياه ومحاسبة المجرمين، وهذه كلها مطالب مشروعة لكنها توفر الذريعة لرفضها جملة وتفصيلاً لإرتفاع سقف المطالب عن قابلية الحكومة الواقعية للتنفيذ. والأهم من ذلك تبدو الإحتجاجات وكأنها تمهيد وخلق الضروف اللازمة لظهور دكتاتور جديد آخر، والشخص الممكن ظهوره الآن أما أن يكون عميلاً أيرانياً أو عميلاً أمريكياً، أو عميلاً مشتركاً بين الأثنين. و هذا بحد ذاته ليس خارجاً عن المألوف، فسوف يجادل البعض بأن جميع من جائنا مؤخرا كانوا على هذا المنوال، لكن الخسارة في أننا طالبنا بالتغيير وأهملنا آلية المحاسبة أي نزاهة الإنتخابات والتي كانت المطلب الأساسي للمتظاهرين، لذا فقد نحصل على تغيير في الوجوه لكن بدون القابلية على محاسبتها وتغييرها.
أن المطالبة بنزاهة الإنتخابات يختزل جميع المطالب الأخرى لأنه آلية جذرية مستمرة وليس تغييرا وقتيا غير مضمون النتائج، لذا أدعو أخوتي وأبنائي المتظاهرين إلى إعادة تحديد أولوياتهم: لا تطالبوا بالتغيير بل طالبوا بآلية التغير أي بنزاهة الإنتخابات.
والحل الذي أراه ممكنا هو في إبطال نتائج الإنتخابات وإستمرار حكومة العبادي لتصريف الأعمال لسنتين على أن تدعو إلى إنتخابات جديدة تحت إدارة الأمم المتحدة.