آراء متطرفة: بين قاسم وصدام

عبد الكريم قاسم كان زعيما شعبيا بين 1958 و 1963 جاء إلى سدة الحكم بإنقلاب عسكري على الملكية، وسرعان ما أيدته حشود واسعة من الشعب العراقي الذي كان في حالة إستعداد لتقبل التغيير في الإتجاه السياسي المحافظ للحكم الملكي. ألغى عبد الكريم قاسم الدستور ثم إنقلب على حلفائه القوميين وبعد أن ترك العنان لليساريين في البداية للتمادي في أعمال العنف إنقلب عليهم . واليوم وبعد أكثر من خمسون عاماً يتذكره الكثيرون كزعيم الفقراء فقد إستحق بجدارة مشاعر العرفان من شرائح واسعة من المحرومين الذين إستلموا الوظائف الحكومية والمساكن في عهده.

في المقابل هنالك صدام حسين الذي ساهم في الإنقلاب الذي أطاح بقاسم في عام 1963 ثم في عام 1968 على عبد الرحمن عارف واستلم مقاليد الحكم تدريجياً إلى أن أصبح فعلياً الحاكم المطلق، وإنقلب هو الآخر على رفاقه البعثيين وعلى الشيوعيين الذين إستمالهم بالمناصب، لكنه كان عروبياً وساعد الكثيرين من العرب غير العراقيين بالمنح الدراسية وفتح المجال أمامهم للعمل والإستقرار في العراق، وجائت النتيجة الطبيعية لهذه الأعمال بمشاعر العرفان من الكثير من قادة الفكر في العالم العربي الذين تثقفوا وتخرجوا من الجامعات العراقية.

يتعاطف الكثيرون من العراقيين مع ذكرى قاسم بسبب مساندته للفقراء لكنهم أنفسهم لا يتفهمون سبب تعاطف الشارع العربي مع ذكرى صدام. فالمسببات الأقوى في الحالتين هي الشعور بالعرفان ورد الجميل على الإحسان لكنه حلال علينا نحن العراقيون وحرام على الآخرين من العرب.

كلا الزعيمين أصبح جزءً من تاريخ العراق والشرق الأوسط بحسناتهم وسيئاتهم لكن أتباعهم لا يزالون يحاربون معاركهم الجانبية الإنقلابية على الحلفاء السابقين ويتهمون بعضهم البعض بالتطرف. ياللتطرف!

Comments are closed.