آراء متطرفة: الدكتاتور القادم سوف لن يكون صالحاً

الرأي السائد في المجتمع العراقي أصبح أن الديمقراطية لا تصلح لنا، وأن الحل يكمن في البحث عن دكتاتوراً صالحاً يفرض الإصلاح بالقوة ويكافح الفساد بالأمر الإداري المباشر ويبسط الأمن في البلاد بقيادة المعارك بنفسه ..

تجسد هذا الرأي في الإنتخابات البرلمانية السابقة، حيث قاطعها أغلبية الناخبين وإنكشف التزوير لدرجة لم يسبق لها مثيل وبلغ الإحباط ذروته. ومع الشعور بالإحباط تأتي تخيلات واسعة بإمكانية التوصل لحلول سهلة لمشاكلنا العويصة ومن هذه التخيلات نتصور بأن بالإمكان تحضير دكتاتور صالح له أفضل ما في قادة الإنقلابات السابقين، وهذا القائد المتمكن الشبيه بالمهدي المنتظر هو القادر على حل جميع مشاكلنا ببطولة منقطعة النظير.

لكن الواقع المرير هو أننا لم نحظى بأي دكتاتور صالح لجميع طوائف الشعب منذ بداية الحكم الجمهوري في 1958، ومن بين الرؤساء الذين أظهروا شيئاً من الصلاح لا نجد من داموا في الحكم من أجل تحقيق إصلاحاتهم. لذا فأن التوقعات بقدوم الدكتاتور الصالح القادر على تحقيق إصلاحاته تبدو بعيدة عن الواقع، بل أن الدكتاتور المزمع لو جاء فإنه لن يبقى إلا بالتوافق بين التمساحين الخائضين في المستنقع العراقي: إيران وأمريكا. إي أنه سوف يكون عميلا مزدوجاً وإلا فلن يكون..

الحل ليس في الدعوة إلى الدكتاتور الصالح عن طريق الديمقراطية أو الإنقلاب ومن ثم العمل على ديمومته. الحل الدائم يكمن في القضاء على التزوير وإستخدام الديمقراطية لما هي صممت من أجله أصلاً، وذلك هو التغيير السلمي والشرعي للسلطة. والتعاقب السلمي حسب الإرادة الحقيقية للشعب هو الكفيل بتحقيق الإصلاح. لقد أساء التزوير للعملية الديمقراطية منذ 2003 وأدى إلى فقدان المهمة الأساسية لها وأصبحت الديمقراطية مجرد وسيلة لإستمرار الحكم عوضاً عن تغييره. والقضاء على التزوير لن يأتي من الداخل فتوافق القوى الذي تبنته الولايات المتحدة متوافق على التزوير وعلى تقسيم الكعكة بينهم بالتراضي. نحتاج أما إلى توافق جديد أو لإشراف الأمم المتحدة على العملية الإنتخابية.

أن التطرف بالرأي لا يحتاج بالضرورة لمواقف تدعو إلى العنف، فالتطرف قد يأتي نتيجة لغرابة الرأي في نظر الأغلبية التي لا تتفق معه، وما ندعو له هو في الواقع رأي معتدل لكنه قد يبدو غريباً عند معظم العراقيين. أنه التطرف بالإعتدال!

Comments are closed.