مذنب بالإختلاط
مصطلح الذنب بالإختلاط والمعروف بالأنكليزية ب(Guilt by Association) ويعني أن هنالك من يعتقد بأن مجرد الأختلاط بالمجرم يؤدي الى شراكته بالأثم.ونحن كعراقيين الذين عشنا سنين دكتاتورية صدام نعلم جيدا كيف يعاقب أقارب المغضوب عليهم لأسباب تافهة وكيف يتم العقاب بعيدا عن القضاء، لذا فقد تبددت آمالنا حين نشاهد نفس الممارسات القديمة تتم اليوم تحت غطاء شفاف من الديمقراطية. ومن المؤسف أن نرى العديد من المثقفين والعالمين بمبادئ القضاء والعدالة ينجرفون وراء الأحكام والقرارات التعسفية طالما طالت من لا يتفقوا معهم بالعقيدة أو بالحزب أو بالرأي وهم قد نسوا أو تناسوا بأنهم هم كانوا الضحايا منذ أمد قصير وأن دائرة الحياة تدور ولا يستبعد أن يجدوا أنفسهم في خانة الضحايا ثانية، وأن تكرار الذنب بالإختلاط يوسع دائرة الظلم مع كل دورة.
يستغرب البعض من سوء حظ العراقيين في تعاقب السلطات المستبدة إبتداء من الحجاج إبن يوسف الثقفي ويعزيه الكثيرون الى العدوانية الظاهرة في مجتمعنا، لكننا نحن الذين خالطنا العديد من الشعوب بعد الشتات الذي تعاقب علينا من وراء الدكتاتورية لعدة حقبات، أقول أن العديد من الشعوب التي كنا ننظر لها بإعجاب بعين التحضر هي في الواقع عدوانية تحت السطح، وبأي حال فأن وصفة العدوانية ليس لها علاج وإلا فكيف نزيلها من طبائع البشر لكي يسود السلام في بلادنا؟ والأجدى من التحاليل النفسية المستعصية على العلاج هو تحديد ممارسات معينة يؤدي منعها الى تخفيف الأزمات وإستبيان الطريق للتعامل مع العدوانية، وأنني لأرى أن آلية الذنب بالإختلاط هي إحدى هذه الممارسات، ومنعها هو عمل محدد وضروري من أجل عدم إستبعاد الأقليات أو المستضعفين من نسيج مجتمعنا المتنوع الأعراق والإتجاهات.
أن منع الذنب بالإختلاط يعني أن لا يؤآخذ احد على جريمة أخيه أو رفيقه لمجرد قربه ولا يعاقب جميع أعضاء العائلة أو العشيرة أو الحزب أو المليشيا على جرائم القلائل من الأعضاء. نعلم أن هذه حبة صعبة الإبتلاع للبعض ويراها من في السلطة وكأنها تسامح على الإجرام أو عفوا في غير محله وهو ليس بهذا. فتحديد المذنب هو من إختصاص سلطة القضاء العادل، وتسييس القضاء والعمل في الخفاء خارج مؤسسات الدولة هو الذي يسمح بممارسة الذنب بالإختلاط، لكنها ممارسة محددة يمكن تعريفها بسهولة وإنشاء الألية المناسبة والمرجعية القانونية لعلاجها .