المبادرة العقيمة: النفط مقابل الأرض

قامت مجموعة الأزمات العالمية المستقلة المعروفة بكرايسز جروب والتي يقع مقرها الرئيسي في بروكسل بنشر تقريرها حول الموقف في كركوك بعنوان النفط مقابل الأرض: نحو المبادلة العظمى عن الأكراد والعراق، والتقرير هذا يحتوي على العديد من الملاحظات الهامة عن الإتجاهات السياسية العراقية والتطورات والمتغيرات من وجهة نظر واقعية ومحايدة نوعا ما لكنه يحتوي أيضا على غلطات وإحباطات لا تتناسب مع المصداقية المفترضة للمجموعة العالمية.

ومن أهم ما إحتواه التقرير هو التوصية لمجلس الأمن بإنتداب الأمم المتحدة لتوجيه مفاوضات “المبادلة العظمى”ونصا تقول:

الطلب رسميا من مجلس الأمن الدولي بإعطاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق لتوجيه مفاوضات المبادلة العظمى.

أن المقارنة مع نص التقرير ذاته لا تدع مجالا للشك بأن هذه التوصية ما هي إلا إمتدادا لدور الولايات المتحدة لتفضيلها حاليا طريقة السمسرة السياسية بين الفرقاء للوصول الى التوافق، ونحن كغيرنا إذ نريد الإستقرار والإتفاق على المبادئ في حل الخلافات لكننا لا نريد للأمم المتحدة الإنطلاق من قاعدة مهزوزة ونوايا الإستفادة من محنات وطننا لجهات غير الشعب العراقي، بل نفضل الإنطلاق من نقطة الصفر البديهية لأي عملية ديمقراطية تجري في القرن الحادي والعشرين: بإجراء التعداد السكاني، ولكي يكون التعداد شاملا ومقبولا من الجميع يطلب رسميا بتفويض من مجلس الأمن بدلا من المقترح لتوجيه مفاوضات “المبادلة العظمى”.. إن موقفا كهذا هو الأكثر جدارة بالأمم المتحدة من تبني سياسة الوفاق بين فرقاء هم على أقل تقدير غير حريصين على مصالح شعبهم ولا حتى على مصالح الناخبين الذين أتو بهم لدفة الحكم.

ونلاحظ بأهمية أعمق أن المبادرة تحدد الفترة الإنتقالية التي تسبق تقرير مصير مدينة كركوك بعشرة سنين، هذه الفترة تبقى المدينة في عهدة جهات غير محددة وتتوقع المبادرة أن يتبلور مصير المدينة بدون تحديد آليات حمايتها وبدون ربط القرار بتعداد النفوس بل وبالإقرار صراحة بأن نتائج إنتخابات عام 2005 والتي شابها الإكراه والتزوير بإعتراف المبادرة نفسها تؤخذ أساسا للتقسيمات المالية والإدارية. أن هذه المبادرة وتوصياتها العقيمة ماهي إلا تبريرا لإستمرار الإحتلال وكان الأجدر بالمجموعة العالمية المستقلة أن تدعو لبلورة الأرادة العراقية وإستقلال العملية السياسية بدلا من تبعتيتها وخضوعها لإرادة المحتل.

Comments are closed.