البحرين وسوريا.. إلى أين؟

أن عدم الإستقرار في أي دولة له تداعيات مشتركة مهما كانت أسبابه، ولو نظرنا إلى الأمور بتجرد تام وبدون الرجوع إلى الإعتبارات الطائفية لوجدنا عوامل التشابه في التكلفة المادية والبشرية لعدم الإستقرار، فأن إستمرار التوتر الداخلي والمواجهات هو إستنزاف للموارد الداخلية والذي يؤدي حتما في حالة إستمراره وإستنفاذ الطاقات المحلية إلى الإستعانة بالموارد الخارجية، وهنا تأتي عوامل الإختلاف في ظهور النتائج في تحديد الجهات الخارجية بين العديد من التي لديها الدافع والإستعداد والموارد للتدخل والتي قد تنجح في النهاية في تثبيت الأمن وتأمين “إستثماراتها” في المناطق المتوترة.

نبدأ بالبحرين التي نلاحظ أن إقتصادها لا يعتمد كثيرا على إنتاج العمل المحلي وتكلفة عدم الإستقرار تشارك فية جاراتها من مجلس التعاون الخليجي، وأن إستمرار عدم الإستقرار طبيعيا يدفع الحكومة والمعارضة معا للإستعانة بالمصادر الأجنبية. لو تسائلنا عن الجهة الأكثر إحتمالا لتحمل تكاليف عدم الإستقرار على المدى البعيد لما وجدنا غير إحتمالين: المملكة العربية السعودية وأيران. ونظرا لعوامل الحصار الأقليمية على أيران والضغوط التي تواجهها في مناطق أخرى مثل العراق وسوريا فأن عامل الثبات لابد وأن يقع في النهاية مع السعودية، ولا نستغرب الأخبار التي تناقلت مؤخرا التي تقول بأن هنالك خططا للوحدة بين البحرين والسعودية خلال العام الحالي، لذا نتوقع أن المعارضة سوف تخف أو تنتهي في المدى القصير لأن العواقب المحتملة لن تصب في صالحها إذا ما أستمرت المواجهات في الوقت الحاضر.

يحلو للبعض المقارنة بين البحرين وسوريا بغرض كشف الإزدواجية الطائفية في المواقف، ولا ريب أن الإزدواجية موجودة في جميع الأطراف لكن عدم الإستقرار في سوريا يفوق كما ونوعا ما حصل في البحرين، ونذكر بأن كلا الحكومتين البحرينية والسورية لديهما جزء من مساهمة الطوائف المتضررة في مساندة الحكومة، مما يخفف من الصبغة الطائفية، ظاهريا على الأقل، في أسباب عدم الأستقرار. أن الإقتصاد السوري يعتمد كثيرا على الصناعات المحلية والزراعة والسياحة وهذه قطاعات تتأثر بعوامل عدم الإستقرار وهي مصادر مهمة للدخل القومي، والإقتصاد السوري مثقل أصلا بالديون الخارجية لدول جهزتها بالسلاح، مثل روسيا والصين اللتان عارضتا بالفيتو مشروع قرار مجلس الأمن بالتدخل في سوريا من أجل حماية مصالحهما. أن التدخل في سوريا ليس بالأمر السهل لأي جهة من الجهات لكن الأمور تتجه نحو نقطة اللاعودة ولابد لجهة ما أن تبدأ بالتدخل السافر. هنالك العديد من التقارير التي تشير إلى وجود أو قضاء عناصر أجنبية في جانب الحكومة ، كما أن الحكومة تتهم المعارضة بالعمالة والإرهاب لكن هذه الإتهامات والأخبار لا ترقى إلى تأكيد التدخل المكشوف بصورة مقنعة للرأي العام العالمي. والسؤال الأهم هو: من هي الجهات التي لديها الدافع والإستعداد والموارد لتأمين إستثماراتها في سوريا والتي هي أكثر إحتمالا للتدخل؟ أن الصين وروسيا لديهما الموارد لكننا نشك في وجود الدافع الكافي للتدخل المباشر رغم أن الأثنتين متهمات بإرسال الأسلحة. الدول العربية التي ساندت الحكومة السورية في السابق قد غيرت مواقفها. الولايات المتحدة وأوربا لا تريد إستمرار حكم أسرة الأسد ولا تريد التدخل. يبقى أيران والعراق ولا غيرهما لديه الدافع والإستعداد، لكن الموارد في كلا الدولتين تحت ضغط أو مراقبة الحصار المفروض على إيران. والتساؤل عندي ليس “هل تتدخل الأثنتان” بل هو متى وكيف وبماذا سيرد العالم؟

أن عدم الإستقرار في سوريا يعني إستمرار التكلفة التي تقع على عاتق أيران والعراق، حلفاء الحكومة السورية بشكل من الأشكال. وإستمرار الأزمة السورية يحدده إمكانية الأثنتين على الإنفاق وتوقيت الكشف عن وجود سياسي أو عسكري غير مقبول لدى القوى الدولية ذات الدوافع والإستعداد والموارد.

Comments are closed.