تدويل التعداد والإنتخابات..لماذا؟

كانت إحدى مطالب المتظاهرين في الأنبارهي الإشراف الدولي على تعداد السكان قبل الإنتخابات، وقد فسر بعض المحللين السياسيين هذا الطلب بأنه من أجل تحديد التغيرات السكانية التي تلت 2003. نرى أن هذا هو أحد الأسباب وليس جميعها لأنه نظرة إلى الخلف ولا يغير شيئا على أرض الواقع، فقد تغيرت التركيبة السكانية الأصلية لكركوك ولا سبيل لعكسها وأكتسب الكثيرون من غير العراقيين الجنسية وسوف يصعب تجريدهم منها إن لم يستحيل ذلك. وقبيل ذلك تقدم السيد رئيس الوزراء بأربع خيارات لحل الأزمة بينه وبين المتظاهرين وأكد تفضيله لخيار حل البرلمان وإجراء إنتخابات عاجلة، وأكد ذلك عضو البرلمان ومستشار الحكومة عزت الشابندر الذي توقع إستقالة الحكومة وحل البرلمان خلال 48 ساعة.

وقد يرى الكثيرون في هذا الطريق مخرجا آمنا لكننا نرى فيه خطورة إعادة أخطاء الماضي، فالإنتخابات السابقة قد شابها الشبهات وفقد فيها خلال إعادة الفرز 700 الف صوت يعتقد أنها ذهبت جميعا من أصوات الأحزاب المجاهرة بالتصدي لأيران، وكانت النتيجة أن هذه الأحزاب لم تحظى بأي مقاعد في البرلمان. ونرى التحشيد الإعلامي قد إبتدأ من الآن ونخشى أن النتيجة الجديدة سوف تأتي على نفس الطريقة، لكن هذا سوف لن يحل مشاكلنا ولن يؤدي إلى الإستقرار المطلوب هذه المرة، بل أنه سوف يفسح المجال لمجابهات ساخنة تعكس الصراعات الأقليمية.

وفوق كل ذلك يأتي خطاب عزت الدوري الذي يحتوي على عبارات تحشيدية طائفية وبالمقابل خطابات نارية من قيادات أيران مما يضع الخيار العاطفي الصعب أمام الناخب العراقي: أما رجوع البعث أو التدخل المباشر من أيران، وقد تناسب هذه الصيغة أطراف التطرف التي تدفع بالمعادلة بقوة في وجه الناخب لكنها تتجاهل القوى التي في الوسط التي ترفض الخيارين، والدفع نحو التطرف مع إعتصار الوسط المعتدل هو سيمة الشرق الأوسط وأحداثة المعاصرة، فالتطرف سلعة رائجة في سوق عملته الخوف ومن لدية منفعة من الطائفية والإحتقان ما عليه إلا الدفع بالخوف وإستلام سلعة التطرف.

أن تدويل التعداد مع إعطاء الفرصة لتحديد الطائفة والقومية لمن شاء ذلك سوف يقطع الطريق أمام التقديرات الإعتباطية للنسب السكانية فمن غير المعقول تقسيم الدخول والمحاصصة وحتى إستباب الأمن بدون الرجوع إلى تعداد سكاني معتمد، ومن ناحية أخرى فأن شفافية ونزاهة الإنتخابات لا يمكن ضمانها بإشراف حكومي مباشر بعد تجربة إنتخابات 2010 التي تبين عدم حيادية الأجهزة الحكومية وعدم إستقلال القضاء.

لذا نرى أن الدعوة لأنتخابات عاجلة بدون ضمانات نزاهة وإشراف دولي ما هو إلا تصعيد مقنع ودعوة للأطراف الخارجية بالتدخل الساخن في حال إعادة سيناريو الإنتخابات السابقة، وندعو ثانية إلى إشراف دولي على تعداد السكان والإنتخابات .

Comments are closed.