لذة الجريح

حين يصيب المرء جرحا عميقا ويبدأ في علاجه فيتجه الجرح نحو الشفاء، حينها ينتابه الشعور بالحكة قبل أن يلتئم الجرح، فإن إستجاب للذة الحك فسوف يفتح الجرح ويتقيح ويطول علاجه ولكن إذا إمتنع عن ذلك فسيلتئم ويشفى المرء سريعا. لذة الجريج في حكة الجرح قصيرة النظر ولا ترى الخطر المحدق نتنيجة للإستجابة للدافع الإنفعالي.

أن ما يحصل في بغداد الآن من تهجير وإرهاب وما يعد له من تحشيد لمزيد من المواجهات الدموية في المحافظات ما هو إلا إستجابة الجريح لفتح جرح الطائفية من جديد بدون النظر إلى عواقب المواجهات التي لن تؤدي إلا إلى الخسارة وإطالة المعاناة.

هنالك العديد من العراقيين من جميع الطوائف ممن يتحمسون للمواجهة الطائفية وحسم الأمور بالإقصاء وتطهير المناطق من الطوائف المقابلة وفي المقابل هنالك من يريد تقسيم العراق من أجل الإبتعاد عن أذى الآخرين، وهذه جميعها ذرائع محلية وحلول مكلفة لمشاكل مؤقتة والتي قد تنفع المنادين بها ولأجل قصير لكنها تضر المجاميع الأوسع وتقسم ليس العراق فحسب وإنما الأمة العربية والإسلامية والتي يدعي المتقاتلون الدفاع عنها.

أن حصار مناطق قليلة في بغداد لا يسكنها إلا أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة لا يؤدي إلا إلى نشوة وقتية كلذة الجريح الذي يفتح الجروح في مناطق أخرى ودول تنعكس فيها المعادلة ويكون القوي في المعسكر الضعيف، والسياسة الإنتقامية لا يمكن أن تستمر ولا يمكن لدعاتها قيادة دولة مشتركة الطوائف ودوام الحال من المحال.

Comments are closed.