خواطر سورية
يفسر الكثيرون في منطقة الشرق الأوسط الإتفاق المرحلي بين الروس والأمريكان على تجريد الحكومة السورية من الأسلحة الكيمياوية على أنه تراجع مرغم من الجانب الأمريكي وتصاعد أكيد وطويل الأمد لروسيا على الساحة العالمية على طريق إستعادة دورها كقوة عظمى.
لا أحد يستطيع الإنكار بأن بريطانيا وأمريكا قد تراجعتا عن ضرب الحكومة السورية لأسباب داخلية، لعدم توافر الدعم والدافع الداخلي لمبادرة كهذه، ولا أحد ينكر بأن الدبلوماسية الروسية إستطاعت إستغلال الفرصة لأنتزاع الإتفاق الذي يستطيع إنقاذ حليفتها السورية من براثن الضربة الأمريكية، لكن لا ينبغي الخلط بين أهمية العامل الداخلي مع وجود المشاكل الإقتصادية للحكومة الأمريكية و لكن إحتمال إنفراجها كليا خلال شهر أو شهرين من ناحية، وإنتهازية ووقتية العامل الخارجي الخاضع لمتغيرات إقليمية سريعة التغيير على طول الطريق من ناحية أخرى. فالموقف لا يزال متغيرا سريع التطور. ولا يعني التنفيذ الجزئي لإتفاق التجريد أن الضربة قد منعت بل العكس، فأن وجود الإتفاق يبرر زيادة الضغط على الحكومة السورية من أجل المضي في الكشف الكامل والنهائي للأسلحة الكيميائية، فالإتفاق بحد ذاته لا يعطي الخيار أمام الحكومة السورية بعدم التعاون وإنما يعطي الأمريكان والغرب المبرر العقلاني للضربة عوضا عن الضربة العقابية الأولى التي كانت لا تؤدي إلى نتيجة منفعية، وإضافة الإتفاق في موقف كهذا سوف يعمل على التغير في العامل الداخلي.
والخاطرة الثانية تؤدي إلى تساؤل عن هوية الجهة المسؤولة عن الهجوم الكيميائي على ضواحي دمشق، وهذا الموضوع القديم قد ناله الكثير وأكثر من إستحقاقه من النقاش على وسائل الإعلام. فقد تناقلت وسائل الإعلام يوم أمس أنباء عن قصف قوات المعارضة مدينة طرطوس معقل الأقلية العلوية وملجأ الكثيرين من الأسر السورية الهاربة من جحيم المواجهات في مناطق أخرى. والتساؤل هو: لو كانت قوات المعارضة هي فعلا التي قذفت ضواحي دمشق بالكيميائي فما الذي يمنع أن تقذف طرطوس بها؟ مجرد تساؤل.