من الذي قتل الشهود؟
قامت جماعات مسلحة يوم الجمعة الماضي بالهجوم على جامع للسنة يقع في قرية حمرين في ديالى، وسقط نتيجة لذلك أكثر من 30 قتيلاً وطبعا كان هنالك العديد من الجرحى والشهود لهذه الحادثة البشعة.
كان رد الفعل شديدا وخصوصا في أوساط السنة فقد أنسحب بعض السياسيين من مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة وهدد آخرون بمواقف مشابهة، وقام رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي بتشكيل لجنة من ضباط وزارة الداخلية وإبتدأت التحريات للبحث عن القتلة المجهولين والذين حددتهم التقارير الأولية على وسائل الأعلام العالمية بأنهم من المليشيات.
ثم جائت تقارير مفاجئة من مواقع أخبارية معروفة لدعمها لمواقف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. قالت التقارير بأن ثمة موقعا تابعا للدولة الإسلامية (داعش) قد إعترف بأنها هي التي كانت وراء هذه الجريمة البشعة وبأن السبب الذي دفعها لذلك هو رفض مواطني قرية حمرين لطلب إداء البيعة لزعيمهم أمير المؤمنين المزعوم.
هنالك مشكلتان رئيسيتان لهذه التقارير: لم ينقل أي موقع مستقل خبر أعتراف الدولة الأسلامية بجريمة قتل المصلين في ديالى، ولا يوجد تبرير منطقي لهذا الأعتراف حتى لو قبلنا جدلاً بأن داعش هي التي قامت به. نحن لا نبرئ داعش من قتل المسلمين من جميع الطوائف وسبق أن إغتالت إمام الجامع الكبير في الموصل لرفضه قبول بيعة أميرهم، لكن تقرير الأعتراف بالجريمة غير قابل للتصديق لأنه غير مسند ولا يؤدي إلى فائدة لداعش، بل أن نشره بهذه الصورة ينتقص من مصداقية المواقع والأفراد الذين أيدوا هذا السرد.
أن حادثة كهذه لا يمكن أن تمر بدون شهود كثر، وجائت بعض التقارير التي تفيد بأن بعض الشهود من الجرحى قد أخرجوا من المستشفى وقتلوا وأن بعض المسلحين قد هددوا أسر المغدورين، وهذه الأعمال قد تمت في وضح النهار.
لا يعتقد الكثيرون بأن رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي له ضلع في التستر على هذه الحادثة أو على الحوادث الإرهابية الكثيرة التي تلتها والتي قد تقلل من الإنتباه إلى نتائج التحقيق. أن رئيس الوزراء السابق الذي لا يزال متشبثاً بقيادة القوات المسلحة هو المسؤول رسميا، ويعتقد فعليا، عن هذه الأحداث. آن الأوان له ولأتباعه لأتخاذ القرار بترك الحكم للحكومة الجديدة.