الخوط خارج الأستكان

هذه عبارة عراقية صميمة أصبحت شائعة ومتداولة مؤخراً على نحو كبير، وهي تعني أن فردا ما يتناول موضوعا ليس له علاقة بموضوع الحديث المتداول في المجموعة، وهو بذلك كالذي يحرك ملعقته خارج الأستكان او فنجان الشاي.

والعبارة مثل يصف واقعية المتحدث والمجموعة من ناحية وبعد الشخص الذي يوصف به عن الواقع من ناحية أخرى، لكن عدم الأستقرار الذي يعيشه العراقيون قد شوه معاني الكلمات وغير مقاصد المثل.

أجواء الخوف الذي يعرفه العراقيون جيداً إبتداءً من حكم صدام ومروراً بالأحتلال الذي قدم للمجتمع فترة قصيرة من الأمان الجزئي وإنتهاءً بممارسات المالكي وتمدد داعش قد تسببت في تضييق الأفق وتبسيط الرؤية أمام العراقي، أصبح الآن كالأنسان ذو البعد الواحد الذي لا يرى سوى ما يهدد حياته مباشرةً وحالياً. لم يعد العمل الذي يمتد لسنين والذي يحتاج للخطط الطويلة والمراحل المتوسطة من التحضير، لم يعد يبدو له وكأنه ذو علاقة لما يشغل باله من قلق على حياته وسلامة أسرته خلال أخطار تنقلاته اليومية وسعيه لتوفير ضروريات الحياة.

الذي يدعو لعقاب المخالفين وإبعاد المعارضة يجد صداً واسعاً لأنه علاج فوري لمظهر القبح لكن الذي يدعو لبناء مؤسسات الدولة يخوط خارج الأستكان. الواقع الذي يعالج الأسباب لمشاكلنا يختفي وراء أفق التهديد والشارع لا يرى أن الأستبعاد يؤدي إلى المواجهة المسلحة ويعيد التاريخ نفسه نتيجة لذلك مرات ومرات.

يخوط خارج الأستكان أصبحت جملة تقال لكي تعبر عن خوف القائل ورؤيته الضيقة وأفقه المحدود بدلاً عن واقعيته وخيالية الذي يصفه بها.

Comments are closed.