الحل في المزيد من الديمقراطية

نحن في زمن قل فيه الحياء وفقدت الكلمات معانيها ولا يزال بعض المثقفين يقدمون الوصفات العلاجية بنزاهة الأنتخابات وكأن النزاهة عند الأحزاب الحاكمة تعني الشئ نفسه لديهم أو عند رجل الشارع.

فقد إجتمعت مؤخراً في بغداد مجموعة من الناشطين العراقيين ذوي النوايا الحسنة من أجل أيجاد صيغة مقبولة للتوافق بين فئات وطوائف هذا البلد الممزق، وكان اول إهتماماتها ينصب على تنقية الإنتخابات من الشوائب، حيث أتفقت على

تغيير مسار العملية السياسية من خلال عملية انتخابية نزيهة كاشفة عن توجهات الرأي العام العراقي، وتعتمد على قانون متفق عليه للاحزاب السياسية، وبانتخابات تجرى باشراف هيئة عراقية مستقلة ومختصة وبمشاركة الامم المتحدة وجامعة الدول على ان يكون اعضاء هيئة الانتخابات مستقلين استقلالا فعليا عن كل الاحزاب والمكونات السياسية

يبدو أنه قد غاب عن إنتباه السادة الناشطين أن الأمم المتحده وجامعة الدول العربيه كلتاهما قد شاركتا فعلا في جميع الانتخابات السابقة كما أن الأمم المتحدة قد شاركت في الإنتخابات الأيرانية والكردية. وكان هنالك هيئة عراقية مستقلة (بالأسم) ومختصة وبمشاركة الامم المتحدة.

لكن العتب على أعضاء هيئة الأنتخابات الذين لم يكونوا مستقلين “إستقلالاً فعلياً” عن الأحزاب والمكونات السياسية.. طبعا لأنهم كانوا مرشحين من قبل الأحزاب نفسها وإذا لم ترشحهم الأحزاب المنتخبة فمن لديه التفويض بترشيحهم؟

ما دعيت له في 2006 هو إشراف الأمم المتحدة المباشر وبتفويض أممي بخطوة يحتفظ فيها العراق بالسيادة ولا يفقدها بالإنتداب الكامل الذي دعى له البعض آنذاك. وتصوري أن تقوم الأمم المتحدة بتمويل وتعيين مشرفين على صناديق الأقتراع من الأجانب غير الملمين باللغة العربية ومن غير دول الجوار بحيث يكون إنتمائهم الطائفي للأغلبية في ناخبي مناطقهم، أي أن المناطق الجنوبية تكون تحت إشراف قوات آزرية وشيعية باكستانية أو هندية والمناطق الغربية والشمالية تحت إشراف قوات أندونيسية أو ماليزية أو باكستانية من السنة.

أزمة العراق الآن هي في إنتقاء الشرعية التي سوف يستند عليها النظام القادم: هل ستكون إمتداداً للعملية العرجاء الحالية المخترقة من دول الجوار أم للرجوع إلى الشرعية الثورية التي كانت سائدة في إنقلابات ما بعد العهد الملكي والتي جائت بالدكتاتور تلو الآخر؟ أم ستكون بفقدان السيادة بالأنتداب الكامل لفترة لا يعلمها إلا الله، أو بالأستعانة بالشرعية الدولية بتفويض محدود وتمويل دولي لعملية الأنتخابات؟

أنني مع الحل الأخير.

Comments are closed.