الشرق الأوسط في مناخ المستقبل

إنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي فيديو ينسب للعالم الفلكي الكويتي صالح العجيري، وقد لا يكون الفيديو بصوته. يتحدث الفيديو عن كتاب يتنبأ بكوارث زلزالية سوف تصيب العالم ويركز المتحدث على منطقة الشرق الأوسط. مؤلف الكتاب الرئيسي أمريكي إسمه جون كيسي وهو من العلماء الذين يقللون من أهمية نظرية الاحتباس الحراري ويعتقد أن المناخ العالمي سوف يتأثر بدرجة اكثر بالبقع الشمسية. دفعني إهتمام قراء المواقع إلى تحري مصداقية الفيديو والكتاب فوجدت ما يلي.

وجدت أن هنالك آليات ونظريات عديدة لتفسير التغيرات المناخية ولا يوجد إجماع بين العلماء على مدى تأثير أي منها أو صلاحيتها على التنبؤ عما سوف يحدث في المناخ محلياً أو عالمياً. لكن الأغلبية العظمى من العلماء والسياسيين يتفقون على أهمية نظرية الإحتباس الحراري، التي تربط الزيادة في درجات الحرارة وتذبذب الطقس والأمطار والسيول بزيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون والغازات الحرارية في الجو.ولعل من أخطر مظاهر الإحتباس الحراري هو ظاهرة إرتفاع منسوب مياه البحر، حيث يهدد مناطق ساحلية عديدة بالغرق. موضوع إرتفاع منسوب البحر أصبح متشعباً وهنالك العديد من المقالات التي تتناوله في الحقبة الأخيرة، ما إستخلصته هو أن منسوب البحر سوف يزداد تدريجياً من 60 سنتيمتر إلى متر وعشرون سنتيمتراً في عام 2100.

ولكي نضع هذه الزيادة في إطار منطقة الشرق الأوسط نرى أن تنبؤ الزيادة بمقدار متر واحد سوف تغرق مناطق واسعة في البصرة وخوزستان في أيران كما توضح الصورة أدناه والرابط هنا.

+متر واحد لمستوى البحر
المناطق المهددة بالغرق مع إرتفاع متر واحد لمستوى البحر

لكن الإحتباس الحراري يعني أيضاً زيادة التبخر من مياه البحر وبالتالي زيادة معدلات هطول الأمطار عالمياُ، وهذه الظاهرة ذات أثر عظيم في مناطقنا التي هي في غالبيتها العظمى صحراوية. فإذا إستمرت الأمطار في صحارينا كما رأيناها في الشتاء الماضي لسنين قادمة بحيث تمتلئ خزانات المياه الجوفية الطبيعية وتتكون بحيرات من الماء العذب، في هذه الحالة قد يتغير المناخ القاري في صحارينا إلى مناخ معتدل، وقد نرى تغيرات سكانية وهجرات عكسية وتغيرات سياسية يمليها المناخ. وبالتالي فقد تكون الأمطار أبعد أثراً من زيادة منسوب البحر في الشرق الأوسط. لكن علينا أن نتذكر بأن النظرية تتنبأ بزيادة التذبذب وسعة الفروق في الظواهر المناخية، فالزيادة في غازات الإحتباس الحراري تعني أيضاً عدم الإستقرار.

أما نظرية البقع الشمسية فالمدافعين عنها قلة من العلماء وخلاصتها أن البقع الشمسية تأتي على فترات منتظمة، وتتسبب في حصول عصور جليدية عالمية نتيجة لحجبها جزءً من أشعة الشمس، وبالأمكان الإستدلال على فتراتها من دلائل جيولوجية. لذلك فأن مواقيت البقع الشمسية تخضع لحسابات معروفة وبالأمكان التنبؤ بها بدقة. ونتيجة لنقص الأشعة الشمسية وإنخفاض الحرارة تحصل عصور جليدية وتتقلص كتل اليابسة مما يؤدي إلى زيادة إحتمالات الزلازل وخصوصا على خطوط التماس بين الكتل القارية. توضح الصورة التالية مناطق الزلازل المحتملة ويبدو أن أغلب مناطق أيران وتركيا هي مناطق مهددة، وكذلك سواحل البحر الأبيض المتوسط، لكن المناطق الداخلية والصحراوية تبدو بعيدة عن الزلازل المتوقعة.

أن التنبؤ بمستقبل المناخ ليس علماً مؤكداً، وإنما هو مبني على معرفة مجموعة آليات علمية مناخية تؤدي بعضها إلى زيادة الحرارة والأخرى إلى البرودة، لكننا لا نعلم مواقيت عملها ولا شدة تأثيرها، وقد يحصل أن آليتين قد تعمل بصورة متعاكسة في وقت واحد، لكن هذا ما هو إلا واحد من إحتمالات عديدة ولا نستطيع حتى تقدير إمكانية حصول أي منها في المستقبل البعيد.

Comments are closed.