حول زيارة أحمدي نجاد
تزامنت المقالات التي تسلط الأضواء على التدخلات الأيرانية مع زيارة أحمدي نجاد لبغداد اليوم 28 فبراير 2008. وأود أن أضيف حدثا مما عندي لفائدة المهتمين من العراقيين وغيرهم. فقد أخبرني جدي عن حديث جرى بينه وبين الملك فيصل الأول رحمهما الله في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي، حدد الملك فيه بأن أيران تشكل التهديد الأستراتيجي البعيد المدى بالنسبة للعراق، وبناء عليه تحددت معالم سياستنا الخارجية الأساسية. مع ذلك فقد ساد العلاقات بينهما ظل التفاهم والتمدن وهذه الصورة التاريخية تبين جانبا” من التبادل الدبلوماسي بين الجارتين.
وهذه الصورة إن دلت على شئ فهي تدل على أن التعامل مع ايران لا يحتاج أن تسوده العدوانية ظاهريا” على الأقل. لا شك أن التدخلات الآيرانية أصبحت ظاهرة في جميع مرافق الدولة وعلى جميع المستويات لكن المزايدات والمواجهات المكشوفة سوف تعقد التعامل مع الوجود الآيراني والمواجهة يجب أن تتم “تحت العبائة” على الطريقة الآيرانية، لأن حقيقة الطموحات الإمبريالية الأيرانية تقابلها حقائق أخرى أهم وأعمق، فالشعب الأيراني شعب شقيق في الدين والقيم والعرق ومواقفه من قضايانا العربية وغيرته على الإسلام تجعلنا نعتزونفتخربه، والحقيقة الأخرى التي لا يمكن نكرانها هي أن الأخوة العرب هم أيضا” تعاملوا معنا ولا يزالوا من منطلق مصالحهم الذاتية ناهيك عن الإحتلال وبقية دول العالم، أي لا يسعنا أن ننتظر من أيران أو غيرها أن تحرص على مصالحنا أكثر من أبنائنا وما علينا إلا أن ننتخب من لا يجامل الغير على حساب مصلحة العراق. وهنا بيت القصيد، فإذا استمر الإحتلال بتدخلاته هو الآخر بالعملية السياسية فلا يرجى من الإنتخابات إلا إستمرار الحال على ماهو ، ولكننا ندعو الى إشراف دولي لضمان إستقلال وشرعية الحكم ولإختيار ممثلي الشعب بأصوات الناخبين حصرا وليس إستنادا لمصالح خارجية، ولإبعاد أساليب “تحت العبائة” عن عملية الإنتخابات.
أن عين الله وعيون الشعب سوف تراقب أحمدي نجاد في زيارته هذه، فياليته يتحلى بخلق الأسلام الحقيقية ويرى أن الدوام لله وأن قوته في العراق الآن جائت نتيجة لحماقة أعدائه وليست لقدرته وأن ما يستفاد منه في العراق اليوم قد لا ينفعه غدا” وأن الغد لناظره لقريب.