بين التوازن والإتزان في السياسة العراقية
جذب انتباهي مقابلة تلفزيونية اذيعت يوم الخميس 11 حزيران مع برلماني كردي موال للحزب الديمقراطي الكردستاني وكان يرد على سؤال بخصوص القصف والتدخلات الأيرانية في كردستان العراق. وما استغربت له على وجه الخصوص تفسيره المباشر لهذه التحرشات، فهي كما قال جائت نتيجة لدعم البرزاني المتكرر لأولوية القائمة العراقية في تشكيل الحكومة الجديدة، أي انها تنبيه وتحذير للبرزاني من الدفع في اتجاه الإستحقاق الدستوري للقائمة العراقية. وتسائلت حينها عما إذا كان المقصود من التحذير شخصا آخر وليس البرزاني، وبالتحديد فقد يكون المقصود هو الطالباني وذلك لأنه المرشح المقبول لرئاسة الجمهورية وهو المنصب الذي يحدد شاغله هوية الكتلة الأكبر المقصودة من الدستور وهو محور الصراع حول أولوية تشكيل الحكومة. نلاحظ اسلوب السياسة الأيرانية والضغط غير المباشر المخفي تحت العبائة الذي يصعب تحديد اهدافه ومعالجته.
وفي المقابل نجد خبرا في ووسائل الإعلام مفاده أن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان سيصل هذا الأسبوع الى بغداد بهدف اجراء المباحثات بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، هكذا (أشكراه) وبأسلوب امريكي يسهل إصابته وإنتقاصه.
ولو قارنا بين توازن القوى الخارجية الحالي للعراق وبين ما كان عليه الحال خلال الحرب الباردة سابقا لوجدنا شيئا من التشابه، فالتوازن الواسع بين الشرق والغرب سابقا قد حل محلة توازن محلي ضيق بين تدخلات امريكا وايران حاليا، وظهر سابقا بعض القادة في العراق وغيره من بلدان الحياد الإيجابي الذين حاولوا الإستفادة لهم ولبلدانهم بالإتزان بين القوتين المتصارعتين. لكن مما يصعب مهمة الإتزان حاليا نجد ضرورة التعامل بشكل مختلف جذريا بين ايران والولايات المتحدة بما يتناسب مع اسلوب سياساتهم، وهذا يدفعنا الى التساؤل: هل يستطيع ساستنا وبالتحديد الطالباني التعامل مع قوى التوازن بإتزان وبما يحقق مصلحة العراق؟ هذا ما سوف تجيب عليه الأيام في المستقبل القريب.