ثنائية الارادة: هل تمثل الصراعات السياسية ارادة الداخل ام الخارج؟
أن فهم الصراعات عن طريق الثنائيات هو اسلوب مساعد لغرض اتخاذ المواقف الحاسمة في وقت يسوده غموض النوايا والنتائج والأصطياد بالماء العكر، وهو مفيد طالما فهمنا بأنه هنالك العديد من الثنائيات المتقاطعه وانه لا يكفي بمفرده كأسلوب لفهم واقع الساحة العراقية المعقد. ولو نظرنا بتجرد من التفسيرات والتبريرات التي تأتي من داخل العملية السياسية لوجدنا تناسقا غريبا، فهنالك اربع كتل كبيرة توحي بثنائيتين هما الفيدرالية والمركزية من ناحية وفيهما الكردستانية والأئتلاف مع الفيدرالية (باستثناء الصدريين) ودولة القانون والعراقية مع المركزية، ومن ناحية اخرى هنالك ثنائية الأتجاهات الدينية والعلمانية وفيها الأكراد مع العراقية في العلمانيون وامامهم دولة القانون والأئتلاف في الأتجاه الديني الأسلامي. ولا شك فأن هذا الإصطفاف فيه الكثير من التبسيط لكنه مشجع على التفاؤل من حيث عرضه على الناخب البدائل بصورة تساعد على انتقاء الخيار الأنسب.
والثنائية التي تهمنا هنا هي المتمثلة في صراع أرادة الأحتلال ودول الجوار مع ارادة العراق و شعبه في شكل حكمه وشؤون أقتصادياته. وبالذات كيف نميز البدائل المطروحة امام تشكيل الحكومة الجديدة ونربطها بأرادة احد جهتين: أما مايريده العراق أو ما يريده الغير وبدون أن ننتقص من المسببات الأخرى وهي كثيرة.
سوف لن نأتي بجديد حين نقول ان جميع جارات العراق وقوى الاحتلال وغيرهم من اللاعبين لهم تطلعاتهم ومصالحهم و تدخلاتهم في شؤون العراق لكن لا احد منهم يقر بذلك ، فمن الواضح أن ربط الأحداث والبدائل على الساحة العراقية بالأرادة الخارجية سوف لن يحالفها الإقرار الصريح من الجوانب الخارجية، لكن هنالك ثمة مؤشرات ودلائل وتحليلات على ما يريده الغير، فهنالك الخطوط الحمراء والسيناريوهات المفضلة والإنسحاب الأمريكي والمواقف السلبية وهي تدل على أن مايريده الخارج هو حكومة ضعيفة وسوق مفتوحة لبضائعهم ، وعدم استقرار لكنه محدود فلابد من تسويق سلاحهم على أن لا يفقدوا حلفائهم وزبائنهم. أما الأرادة العراقية فهي على العكس واضحة، فأن انتخابات السابع من آذار التي جائت بشهادة أكثر المراقبين بأنها كانت نظيفة نسبيا هي بلا شك تجسدها، والنتائج التي لا تقبل النقاش هي أن الكتلتين الأكبر يرأسهما الزعيمان الحائزان على أكثر الأصوات الفردية، وأن مجموع الأصوات والمقاعد بينهما يؤهلهما مجتمعتين بتمثيل الأرادة العراقية بدون الرجوع الى بقية الأحزاب إن شائا ذلك، لذا فأن المبادرات بإستقدام مرشح لرئاسة الوزراء والمناصب السيادية من خارج الكتلتين وبدون اتفاقهما المسبق هي مدعاة للتساؤل عما ورائها من غايات .