تداعيات حصار إيران على العراق

يدعو الوضع السائر في اتجاه التأزم للحصار الدولي لإيران إلى التساؤل حول ما يحمله هذا الحصار من تداعيات على العراق وخصوصا من ناحية التعاقب السلمي للسلطة والتأثيرات السياسية على التيارات والأشخاص الذين اعتمدوا على الدعم الإيراني في السابق. فالقرارات الأخيرة للولايات المتحدة كانت من أقسى ما يمكن من العقاب الاقتصادي لكنها ليست بمفردها التي تؤدي إلى أضعاف الاقتصاد الإيراني، فهنالك القرارات الإيرانية الغير مدروسة مثل تثبيت سعر الصرف في وقت سمح بفقدان رؤوس أموال هائلة إلى الخارج وهنالك استمرار السياسات الاستبدادية الموروثة من حكم الشاه تجاه الأقليات والمعارضة والتي تساهم بصورة غير مباشرة في استنزاف الموارد وإبطاء الاستثمار. فالقول بضعف الإمكانيات المالية لإيران وتفاقمها ليس وهما أو تهجما لكنه واقع يلمسه الكثيرون من العراقيين الذين لاحظوا تقلص الدعم الإيراني وازدياد المعروض من العملات المزيفة..

ومن بين المتغيرات السريعة المساعدة على تكثيف تداعيات الصراعات الإقليمية على العملية السياسية في العراق تأزم العلاقات بين إسرائيل وتركيا عقب حادثة اعتراض قافلة الحرية ومقتل الناشطين الأتراك، فهذه الحادثة قد حسمت الموقف على إسرائيل في حال هجومها على المنشآت النووية وحرمت عليها استعمال الأجواء التركية و التعاون معها في الأعمال العدوانية ومن ثم لم تبق أمامها سوى الأجواء العراقية التي تديرها الحكومة لإرتفاعات تزيد على أربعة وعشرون ألف قدم، في حين تدير الولايات المتحدة الإرتفاعات التي تقل عن ذلك بموجب اتفاقية الأمن، وفي هذه الحالة نجد سيناريو سأطلق عليه أسم سيناريو العجز لأن الحكومة العراقية عاجزة عن التصدي للطائرات الإسرائيلية المحلقة على إرتفاعات شاهقة والأمريكان ليس لديهم مسؤولية الحماية وهم متعاجزون عن التصدي لإنسحابهم المبكر وخفض المصاريف.. وتحت سيناريو مشابه لسيناريو العجز فقد وصفت الكاتبة السياسية هيلينا كوبان في تعليق لها على موقع مدونة ريدار فيسر رغبة البعض في الإدارة الأمريكية لتقليص الدور الأمريكي ظاهريا في العراق لكي تتمكن هي أو تمكن إسرائيل من توجيه الأعمال العسكرية العدوانية ضد إيران.

كان من السهل على السياسيين العراقيين التصرف في السابق من منطلق توافق الأهداف بين العراق وإيران، فالإثتنان ومعهم أمريكا تشاركوا ونجحوا في تغيير نظام صدام، لكن الأمر قد إختلف الآن، إذ لا شك أن موقف إيران المحاصرة سوف ينعكس سلبا على العملية السياسية في العراق فحاجتها سوف تتقاطع بالضرورة وبوضوح متزايد مع متطلبات إعادة بناء العراق واستقراره.

Comments are closed.