تداعيات إقليمية سريعة على المشهد العراقي

يخيم على العلاقات الأقليمية في الشرق الأوسط مساران أساسيان: المسار الفلسطيني والمسار الإيراني، ولا يشكل العراق إلا ما يشابه حجرة العثرة أمام السياسة الخارجية الأمريكية لكلا المسارين. فالمسار الفلسطيني في مرحلة إرضاء إسرائيل بالضمانات الأمنية مقابل تجميد بعض النشاطات الإٍستيطانية، وقد لا تبدو ظاهريا أي علاقة لهذا المسار بمجريات الأحداث في العراق لكن إنهيارا شديدا للسلام ومواجهة ساخنة لإسرائيل مع حزب الله وسوريا سوف تؤدي بلا شك الى إستقطاب الرأي العام في العراق مع جاراته وتضاؤل التأثير الأمريكي فيه الى درجة قريبة من الصفر. أما المسار الإيراني فقد تزايدت إحتمالات العمل العسكري الأحادي من جانب إسرائيل ثانية وذلك بعد نتائج الإنتخابات الأمريكية المرحلية والتي خسر فيها الحزب الديمقراطي أمام الجمهوريين المتشددين، وأيضا بعد تطوير إيران لصواريخ “سجيل” التي تعمل بالوقود الصلب والتي تمتاز بإمكانية التجهيز للرد السريع مقارنة مع الجيل السابق من صواريخ الوقود السائل والتي تحتاج الى وقت طويل للتجهيز وبالتالي تصبح سهلة الضرب قبل الإطلاق. ويبدو أن أيران قد فهمت خطورة التهديد وهي تزيد من إستعداداتها العلنية وتصريحاتها الصحفية بالتحدي.ولا شك أن المواجهة بين إسرائيل ومن ورائها أمريكا وبين إيران سوف تستقطب الرأي العام العراقي من مختلف الطوائف لموقف معادي للولايات المتحدة وسوف تفتح الباب أمام المزيد من عمليات القمع و تصفية الخصوم تحت ذريعة الصراع مع أمريكا بعد ما كانت تتم بذريعة مكافحة الإرهاب.

وفي سياق المسارين تأتي إتفاقية الدعم الأمريكي لإسرائيل في وقت حرج، والتساؤل هو عما إذا سوف تستعمل الولايات المتحدة نفوذها للربط بين المسارين بحيث تمنع إسرائيل من توجيه الضربة لإيران كشرط من شروط الإتفاقية، ولكن إذا تناست أو قبلت بالفصل بين المسارين فأن هذا سوف يترجم كقبول ضمني لمبادرة إسرائيل بالضرب وسوف يجعل إحتمالات التصعيد أكثر إحتمالا وإحتمالات الفوضى في العراق أكثر خطورة.

Comments are closed.