مطبات في طريق العملية السياسية في العراق

تتحدى الأحداث الجارية قابلية الحكومة العراقية على التعامل مع البدائل المطروحة بحكمة وإتزان، فتظاهرات جيش المهدي وتزايد وتيرة الإغتيالات والأعمال الإرهابية والإلحاح أمام الحاجة الى إتخاذ القرار السليم بخصوص بقاء القوات الأمريكية وتحديات تشكيل الحكومة الغير متكاملة تأتي جميعها بنفس الوقت لكي تتشابك وتؤثر الواحدة بقرارات الأخرى.

فالعملية السياسية عرجاء وضعيفة ومن مظاهر ضعفها الخضوع للعوامل الخارجية بحيث أن أولويات الطلبات الخارجية ترتفع فوق الإعتبارات الداخلية من توفير الأمن والخدمات والتعامل مع الأزمات التي عادة ما تشلٍ أو تؤجل القرارات المتعلقة بالعلاقات الخارجية في الديمقراطيات الراسخة. لذا نتوقع أن تدفع الحكومة بتأجيل إلتزاماتها نحو شركائها والخضوع للضغوطات الخارجية بداية للتملص من هذه الألتزامات.

لكن التأجيل له مخاطره في فرط عقد الحكومة الهشة وإبعاد الصدريين الذين يطالبون بعدم الموافقة على تمديد بقاء القوات الأمريكية وعلى القائمة العراقية التي لم تنل على جميع مستحقاتها الإنتخابية وغيرهم من الجهات السياسية العراقية التي لا تعلم تفاصيل ما يحضر من إتفاقات بين الأمريكان والجهات الحكومية من جهة وما يدور في كواليس السياسة مع دول الجوار من جهة أخرى.

فالإتفاق بين المالكي والدائرة الضيقة حوله وبين الأمريكان سهل التصور، حيث أنه، أي المالكي، مدين للأمريكان بخلاصه من طوق الصدريين خلال معارك صولة القانون وأن الأمريكان يريدون حلا سريعا لكن اذا أخذنا بنظر الأعتبار دور الجهات الأخرى من القوى الأقليمية فسوف نجد أن ثمن الأتفاق سوف يكون على حساب البقية الباقية من مصداقية العملية السياسية.

لا شك أن هنالك حاجة لحماية الأجواء العراقية ووجود بعض القوات التي تتمتع بالإنضباط العسكري بعيدا عن الولاءات الطائفية لكن التمديد المستمر لبقاء الأمريكان كجهة وحيدة لا يمكن السكوت عليه، لذا ندعو الى غطاء أممي وتفويض من مجلس الأمن لأي وجود عسكري أجنبي في العراق ولا نعتقد بأن الحكومة العراقية الحالية بعدم إكتمالها وهشاشة تحالفاتها بل ودفعها بكرة التفاوض نحو الأحزاب البرلمانية لدعوتهم لأعلان مواقفهم قبل أن تعلن الحكومة موقفها، نقول لا نعتقد أن الحكومة لديها التفويض الكافي الذي يؤهلها للتفاوض حول مسألة مصيرية مثل الوجود العسكري الأمريكي.

أن تفاوض الحكومة العراقية مع الولايات المتحدة حول بقاء القوات الأمريكية ما هو إلا مطب آخر يهز مصداقية العملية السياسية وقابليتها لأحداث التعاقب السلمي للسلطة.

Comments are closed.