حساب جكليت

جائني فيديو من عدة أطراف بعنوان أكبر سرقة بالعراق يصور سيدة عضو سابق من أعضاء المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وهي تحاسب رئيس المفوضية الذي أقالها حسابا عسيرا على تبديده لأموال الشعب، من صرف تكلفة وقود المولدات الى دفع فاتورة ليلتين في فندق بالسليمانية بدون وجه حق الى شراء ستة تلفونات جوال.. وغيره من حساب الجكليت وبناء على عدم أمانة هذا الرئيس المكرود المبتلي وتبديده تكلفة النثريات بالمقارنة مع ما ينهب بدون رقيب يطلب إقالة المفوضية العليا بأكملها وإبطال عملها فورا وبلا تأخير، علما بأن المفوضية تنتهي مهمتها طبيعيا بعد ثمان شهور وسيعاد اختيار أعضائها حينذاك. ومن المضحك المبكي أن السيدة تشتكي من وجود غير العراقيين للإشراف على عد الأصوات وكأن الفساد لا يمكن أن يطول العراقيين. ولكن الواقعة الأساسية والتي هي هدف حساب الجكليت كانت في محاولة عزل المفوضية بالتصويت في مجلس النواب والتي إنتهت بالفشل وتشنج السيدة المذكورة وأعضاء حزب الحكومة، والأنطباع السائد هو أن بعض أفراد الحزب الحاكم قد فقدوا السيطرة على أعصابهم وأخذوا يهددون الكثيرين بما فيهم مام جلال رئيس الجمهورية . وما سبق ذلك أن مجلس الوزراء الموقر قرر إلحاق جميع الهيئات المستقلة إداريا بالمجلس، وفي هذا السياق تفهم هذه الأحداث على أنها محاولات تؤدي الى فقدان إستقلالية الهيئات الرقابية وتعزيز سيطرة الحكومة على مفاصل الدولة والعملية السياسية.

تذكرت فضيحة أعضاء مجلس العموم البريطاني قبل بضعة شهورالذين صرفوا مبالغ نثرية من الدولة لتغطية تكاليف سفر ونفقات إقامة ومأكولات مبالغ فيها كما هو الحال مع حساب الجكليت عندنا، وقد حوسب الأعضاء البريطانيون منفردين، أي كل على قدر تجاوزاته، وفيهم من أرجع المصروفات التي صرفت بغير وجه حق وفيهم من عوقب بالحبس ومن فقد منصبه ولكن لم يكن أحدا يطالب بإغلاق مجلس العموم أو سحب الثقة إعتباطيا من جميع المتهمين.

أن مفوضية الأنتخابات هذة قد تم إختيار أعضائها من قبل البرلمان المنتخب ومن مهماتها الإشراف على الإنتخابات وتحديد مواعيدها والأعلان عن نتائجها، وحسب القانون فأن البرلمان يحتاج الى أغلبية مطلقة (أي 163 صوتا) من أجل فصل أعضاء المفوضية، لكنه لا يحتاج إلا لأغلبية من اصوات الحضور لتسمية وتشكيل المفوضية من جديد، أي أن تصويت سحب الثقة هو إلتفاف على الدستور ولن يكون ساريا إلا إذا حصل على الدعم من 163 صوتا. ومن بين ما حدث بعد فشل التصويت على الحصول حتى على أغلبية من الحضور هو أن الحكومة لا تريد إجراء أي إنتخابات إلا لما بعد تشكيل المفوضية من جديد وقد تسعى مجددا لمحاولة سحب الثقة.

تذكرني هذه الأحداث بالقبيلة العربية التي عملت إلها من التمر فلما جاعت أكلته. أن الدستور بعيوبه هو من صنع المستفيدين والذين هم في الحكم اليوم، ونحن نراهم الآن وهم لا يتورعوا عن إفشاله وإلتهامه. عملوا الها من التمر سابقا واليوم يعملوا دستورا من الجكليت..

Comments are closed.