كيف يمر بعير المدربين من ثقب الأبرة؟
يتسائل الكثيرون عن كيفية التمديد لبقاء القوات الأمريكية في العراق وهل هو ضروري حقا؟ والمعادلة سهلة الفهم لكنها حساسة وصعبة الحل لأن الواقع الواضح هو أن العراق ليس لديه القابلية على الحفاظ على حدوده وسمائه وقواه الأمنية ضعيفة وجيشه غير مكتمل، والمعادلة حساسة لأنها تحتوي على حسابات الثقة بدول الجوار والتي يبدو أن لا أحد يريد الخوض فيها بصراحة. ونظرا لصعوبة الحل فقد طرحت الحكومة بديل تغيير الوجود العسكري الأمريكي الى صفة المستشارين أو المدربين حالهم حال أي من المتعاقدين بعقود التوريدات المدنية مع بعض الإضافات التجميلية التي لا ترقى الى العمل العسكري المستقل داخل العراق. وتداعيات هذا السبيل على الموقف عموما هي خليط من المستحسن والسيئ وينبغي دراستها بتأني. فمن ناحية يلغي هذا التغيير صفة الإحتلال تماما ويضع المسؤوليةعلى عاتق الحكومة العراقية لتوجيه وتغيير المستشارين ومحاسبتهم تحت القانون العراقي، ومن ناحية أخرى فأن المسؤولية المالية تقع على عاتق الجانب العراقي وأنني أعتقد أن بعض الأمريكان يتمنوا حلا كهذا لكن توقع السداد من العراق لخدمات تدريبية لن يؤدي إلا الى خيبة الأمل عند الأمريكان و قد يؤدي لدى العراق للإعتماد على خدمات غير تدريبية بديلة من دول الجوار ومن مصادر مشبوهة. لكن الإعتبار الأهم هو في فقدان المصداقية، فالعراق لديه الكثير من الطاقة البشرية وصفة المدربين أو المستشارين غير حقيقية ولسنا بحاجة للتذكير بالفساد المرتبط بعقود التدريب في السابق، لذا نرى أن من الصعب نفاذ بعير المدربين من ثقب الأبرة.
لنا أن نتسائل عن بدائل أخرى نراها أكثر واقعية ويراها غيرنا غير ذلك. لابد من نهاية الإحتلال من ناحية ولابد من حماية الحدود والأجواء من ناحية أخرى، لذا ندعو لتغيير العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق الى علاقة متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة بحيث يستعاض عن بعض القوات الأمريكية بقوات عالمية مختلطة وبتفويض واضح وتكاليف مغطاة. يعطي هذا البديل مجالا لتوفير الحماية الدبلوماسية ومساهمة قوات تتفاهم مع مكونات الشعب العراقي وسوف يفتح تفويض الأمم المتحدة مجالات التعاون في التعداد السكاني الذي تجد الحكومة الحالية صعوبة في تنفيذه، لكن العائق الأكبر أمام هذا الخيار يبقى من طرف الولايات المتحدة التي تريد حماية “إستثماراتها” في العراق بمفردها ولا تريد شركاء في الواقع رغم أن الرئيس أوباما نادى بالمشاركة الدولية قبيل أنتخابه. قد يكون هذا البديل ليس مطروحا ولا يتمتع بالتجاوب الواسع لكنه يرد على التساؤل كيف ينفذ البعير بكل بساطة: أرفعوا علم الأمم المتحدة بدلا عن الولايات المتحدة فوق القوات العسكرية.