درب بْغَداد إنكطع
كنا في المدارس نردد البيتين التاليين من شعر الربابة
درب بغداد إنكطع كطعوه الخيالة
أهل الجفافي الحمر والعكل ميالة
ولم يدر في بالنا أن بالإمكان حقاً قطع الطريق عن بغداد لكننا نرى هذا قد تحقق اليوم نتيجة لسياسات وقرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مفرقة للصف ولا تدعو لوحدة الوطن.
يشكل تحدي الأنبار وبقية المحافظات بما فيها الجنوبية أختبارا قاسيا لمصداقية الحكومة، والرد أصبح متوقعا وهنالك تلويح بأستعمال القوة للتعامل مع الأنبار، وهذا الرد يجلب معه أخطار عدة فهو قد يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية من جميع الجهات وإذا تم التعامل مع مطالب المحافظات بصورة طائفية فقد تؤدي إلى عودة أحداث 2006 أو أخطر منها نظرا لتغير الأوضاع في سوريا.
طرف المعادلة الأهم في الوقت الحاضر هو أيران التي تهدد بالتدخل المباشر في العراق لحماية ما تبقى من نفوذها المتراجع في المنطقة، وقرار الحكومة العراقية في كيفية الأستجابة لمطالب الأنبار سوف يحدد رد فعل أيران، إذا قررت بغداد التصعيد بالعنف فسوف تضطر طهران لرفع أستثماراتها العسكرية والمدنية في العراق وهذا سوف يستنزف المزيد من وارداتها المتناقصة بسبب الحصار العالمي وسوف يضعف من أستعداداتها لمواجهة التحديات الأمريكية والأسرائيلية، وقد يكون هذا الأمر مما يريده الأمريكان على المدى البعيد وخصوصا إذا طالت فترة الإستنزاف ونجحت العشائر الأنبارية بكسر الطوق الحدودي مع سوريا والأردن واستلمت التعزيزات من الخارج. لكن الخطر الأكبر على الحكم يكمن في إشعال الحرب الطائفية وتداعياتها في الوسط والجنوب، فالمراهنة على الولاء الطائفي للعشائر العربية في الوقت الحاضر يبدو وكأنه أمرا شديد الحماقة.
بعض خبراء الأستراتيجية العسكرية القدامى في العراق أوصوا لأسباب عديدة بنقل المواجهة مع أيران إلى داخل الأراضي العراقية، يبدو أن الأحداث الحالية .تسوقنا رغما عنا، بل وبقرارات محصورة بيد حكومتنا الرشيدة، نحو هذا السيناريو.