العراق تحت الطيار الآلي
قال لي صديق عزيز قبل الإحتلال بفترة بسيطة، وكنا نتحدث عن حماقة صدام في الحرب العراقية الأيرانية، قال أن أيران ليست في حماقة صدام وأنها تخطط على المدى البعيد وسوف تنجح في سياساتها مع العراق على عكس ما حدث مع صدام وسترى ذلك قريبا.. طبعا نشاهد الآن نجاح سياساتها في العراق لكن التخطيط بعيد المدى لا يعوض عن العوامل الوقتية التي تلعب دورا أكبر حتى من الخطط الأستراتيجية المدروسة بعمق، وأعني بذلك توقيت الأحداث. فالتوقيت ومتابعة تنفيذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب أهم من الإلتزام بقرارات أو أستراتيجيات أتخذت تحت ظروف سياسية وإفتراضات كانت واقعية في حينها لكنها فاتت وفقدت سريانها في الوقت الحاضر. إحدى هذه القرارات المحتملة هو مساندة الحكومة السورية عسكريا بصورة مباشرة بالمواجهة مع قوات المعارضة.
ولا يخفى أن مقتل الأربعين جندي وموضف سوري في طريق عودتهم لوطنهم في منطقة عكاشات العراقية قد وفر الذريعة لعمليات التمشيط والنشاط العسكري للبحث عن مرتكبي هذا الحادث المروع، لكن تزايد تدفق القوات العراقية إلى مناطق الحدود السورية الواسعة يشير إلى غاية أخرى. إذ لا تخلو وسائل الأخبار عن روايات المواجهة مع قوات المعارضة السورية. لذا فأن إحتمال مساهمة الجيش العراقي في مواجهة المعارضة السورية لا يمكن تجاهله.
يبدو أن الحكومة العراقية تسير تحت الإرادة التلقائية أو الطيار الآلي، حيث أنها لا تستطيع محاسبة أي من الجهات التي تصعد نحو المواجهات الطائفية، لذا فالعلامة القادمة في الطريق قد تكون المساندة العسكرية المفتوحة لحكومة سوريا المحاصرة، وقد تبدو هذه الخطوة بسيطة ومنطقية في سياق تسلسل الأحداث وذلك لأن التقارير الأخبارية عن المساندة المعنوية والمواقف السياسية والمالية الداعمة لحكومة سوريا كثيرة ولا تثير الدهشة عند البعض، لكن الدخول في تحالف عسكري في الوقت الحالي يشكل خطوة نوعية يصعب تجاهلها ودعوة مفتوحة لمساهمة الدول الغربية المترددة في دعم الجيش السوري الحر. وهي خطوة تصعيدية لها تكاليف عالية وعواقب سيئة من جميع الإحتمالات علاوة على المخاطرة بأرواح أفراد الجيش نظرا لطول خطوط الإمداد مما يعرضهم لنفس مصير الأربعين سوريا.