لا غزة ولا لبنان
في مقابلة على قناة البي بي سي وصف أحد المعلقين السياسيين أناشيد الإنتخابات الأيرانية المؤيدة للمرشح المعتدل روحاني والتي تقول: لا غزة ولا لبنان..نحن فداء لأيران. ومننا كثيرون في الدول العربية نتعاطف ونؤيد هذا التوجه أكثر من التوجهات المتشددة والداعية للتدخل في مشاكل الدول الأخرى. فأيران القوية إقتصاديا والمزدهرة داخل أراضيها هي سند لدول المنطقة العربية، لكن أيران القلعة المغلقة على نفسها طائفيا من ناحية والماشية بعقلية التوسعات الأمبراطورية البالية من ناحية أخرى هي خطر على المنطقة وعلى أبنائها. واليوم وقد تبين أن روحاني قد حاز على ما يزيد من الخمسين بالمئة من أصوات الناخبين في إنتخابات الرئاسة، نتمنى أن يتبع ذلك تأكيد فوزه وليس طبخ النتائج لكي تخدم سياسات المتشددين، ونأمل حين ذاك أن تحصل التغيرات الأيجابية الضرورية لرفع المعاناة عن شعب أيران.
وفي سياق الإنتخابات الأيرانية وتداعياتها على المنطقة لابد لنا من أخذ التطورات على الساحة السورية في نظر الإعتبار، فقد تزايد زخم الحكومة المركزية في مواجهة المعارضة بعد التقدم الذي أحرزه الجيش النظامي وحلفائه في القصير، وأدى التصعيد الحكومي إلى التصعيد الدولي في المقابل من أجل مساندة قوات المعارضة، حيث قرر الرئيس أوباما دعم المعارضة عسكريا، والكرة الآن في الملعب السوري-الأيراني-الروسي لرفع الرهان أو الإنسحاب من لعبة الحرب الأهلية ذات الأيقاع السريع.
التصعيد المقابل المتوقع من أيران هو الدعم العسكري والمادي الضخم والمباشر خلال الطريق البري في محافظة الأنبار وهنا يأتي إنتخاب روحاني كعامل معاكس لهذا الإتجاه، فمواقفه الواقعية الواعية على الأوضاع الإقتصادية المتردية في أيران والتي ساعدت على إنتخابه قد تمنع من الدفع بإتجاه التدخل في سوريا.
الأمر الأكيد هو أن أيران التي أمسكت بزمام المبادرة في ساحات العراق وسوريا في الفترة الماضية قد فقدت البدائل المتاحة أمامها بحكم وضعها الإقتصادي وعزلتها وأصبحت على مقربة من سقف أمكانياتها للتصعيد، في حين أن القوى المساندة للمعارضة السورية لا تزال في أوائل خياراتها والتصعيد بالنسبة لها في الوقت الحاضر لا يزال في حكم المستطاع.