تداعيات مواجهات القرم المتوقعة على الشرق الأوسط
تتصاعد التساؤلات حول تداعيات المواجهة الروسية الأوكرانية في شبه جزيرة القرم على منطقة الشرق الأوسط، حيث أن البرلمان الروسي قد أقر زيادة الدعم العسكري للمواطنين ذوي الأصول الروسية والذين يشكلون الأكثرية في شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا.
هنالك تاريخا مأساويا للروس في شبه جزيرة القرم، فقد خاضوا معارك طاحنة خلال القرن التاسع عشر وخسرت روسيا القيصرية فيها الحرب والآلاف من القتلى، لكن أهمية القرم للروس لم تتناقص على مر السنين، فللقرم موقعا أستراتيجيا على ممر تجاري مهم يربط روسيا بأوربا، وفي ميناء سيفاستوبول تقع القاعدة البحرية للأسطول الروسي، والموقع الجغرافي مع الأكثرية الروسية يجعل هذه المنطقة ذات أهمية حيوية لجمهورية روسيا حاليا.
هنالك من يتوقع حربا عالمية أو تصعيدا بلا نهاية نتيجة للتدخل الروسي المباشر لكن الماضي القريب يحتوي على سوابق ومقايضات سياسية خفية تنهي حالات المواجهة الظاهرية بين روسيا والغرب، من هذه الصفقات ما قيل عن ترك مناطق النفوذ في الشيشان والقوقاز للروس مقابل عدم تحدي النفوذ الأمريكي في العراق بعيد الإحتلال في عام 2003. لذا فلا يستبعد أن تشكل مناطق أوكرانيا والقرم خاصة دفة الميزان الروسية مقابل مناطق في الشرق الأوسط تستفاد منها مصالح أمريكا والغرب.
ما نراه من إحتمالات المقايضة هو ترك دورا قويا للروس في فرض إرادتهم على أوكرانيا مقابل تراجع لنفوذهم في الشرق الأوسط عامة وفي سوريا على وجه الخصوص، ومما يمهد لسيناريو مقايضة أوكرانيا بسورية هو تحذير الرئيس الأمريكي أوباما الأخير لروسيا من تكاليف المواجهة في القرم، والتي يفهم منها بأن المواجهات التي تشارك روسيا فيها قد أصبحت تتراكم وتشكل عبئا على الإقتصاد الروسي وإستعداد أمريكا للمساعدة في إعادة توزيع الأعباء.
وليس هذا السيناريو هو الوحيد المرجح، هنالك سيناريوهات أخرى قد تتضمن أطراف أقليمية كأيران وتركيا لكن وضع سوريا والإضطرابات في أوكرانيا يشتركان في أنهما على درجة عالية من الإلحاح، لذا فهما الأرجح في تحديد أبعاد المقايضة المتوقعة.