الفساد والسياسة في سوق العرض والطلب
يخضع الفساد لقوانين العرض والطلب حاله حال أي عملة أجنبية في السوق المحلية، إذا توفرت السلع الجذابة في السوق الحرة المحلية زاد الطلب على الفساد وزادت مبيعاته. والسياسة جزء من السوق يكثر فيها الإنتهازيون وعملاء الفساد، يعرضون بضائعهم من الولاء السياسي لمن إستطاع الدفع وهم على إستعداد لتغيير الولاء لمن يدفع أكثر.
والسوق لها قوانينها وأصولها. لسنا في صدد إستعراض القوانين كلها لكن هنالك ما يستوقفنا أمام ما يجري في العراق الآن.
القاعدة ذات العلاقة هي قانون العائد المتدني، حيث يتحرك السعر المدفوع صعودا أو نزولا حسب نسبة العرض والطلب والعائد نتيجة للسعر المدفوع الذي يرتفع في البداية لكن لابد له أن يصل إلى مرحلة يبدأ بالنزول والتدني. وهذه هي نقطة العائد المتدني التي يسعى البائع للوصول لها.
في غياب القضاء والحساب لا يوجد سوى قوانين العرض والطلب التي تحكم التبادلات، والفساد في سوق السياسة العراقية سلعة مباحة في سوق مفتوح، وهنا تصل نقطة العائد المتدني لأعلى مستوياتها ويصبح من الممكن تداول تسعيرة من شكل ما ومعرفة سعر الوظيفة الفلانية والمركز الفلاني.
يدعي الكثيرون بأن الفساد والسقم قد أبلى في المجتمع لدرجة لن نستطيع أن نرجع إلى ما كنا عليه أو إلى وضع يسود فيه النظام، ويتصور هؤلاء أن البلاء آت من قلة الأخلاق والتربية أو قلة التدين ويشيرون إلى فلتان الجيل الجديد والمجتمع الجديد، ويوصون بالإلتزام الفردي متناسين أن الأسباب هيكلية وليست فردية. فالأمريكان وغيرهم من الأجانب لا يترددوا في ممارسة الفساد لو لم يكون هنالك حساب، رأينا ذالك في العراق في وقت الإحتلال وهو موجود للذي يعيش فترة طويلة في المجتمعات الغربية.
التردي في العراق أسبابه هيكلية من أعلى الهرم وليست فردية بين الأفراد وأبناء الشعب، وحين تعود المؤسسات للعمل الطبيعي سوف تتقلص الظواهر بوقت لن يتجاوزالفترتين الأنتخابيتين!