الدستور..الدستور

تتطور الأحداث في العراق إلى حالة إخلاء ساحة الصراع من القوى المعتدلة، من ناحية فالحكومة متمسكة بسياساتها الأقصائية ورئيس الوزراء الموقر الذي “ما ينطيها” ومن ناحية أخرى فالقوى المعارضة التي تكونت أصلا من فصائل عديدة أصبحت تسبح بحمد أكثرها سطوة وتطرفا وهي الدولة الأسلامية. وهنالك بين البينين العديد من المثقفين الذين يتمنون بحسرة لو كان لدينا دستورا كاملاً غير منقوص لما كان الذي كان وما جرت الأمور إلى ما هي عليه، ولكن الأحداث لا تشير إلى الدستور بحد ذاته وإنما للذي يفسره حسب ما يهواه وينفذ ما يراه مناسبا في الوقت الذي يناسبه ولا يخضع للمسائلة.

أن الأعتقاد بأن الدستور وبنوده إذا كتبت بعناية لا تؤدي بالضرورة إلى الإستقرار أو الديمقراطية التي يرجوها المستضعفين من أبناء الشعب ليس بالأمر الجديد رغم أن الحكومات العراقية والأمريكية تؤكدان ضرورة الألتزام بالدستور وكأن المعارضة هي التي بدأت بعدم الإلتزام، حيث أن مقولات فؤاد عجمي، الأكاديمي المحترم في الأوساط الأمريكية المحافظة والمتوفى حديثا، بخصوص الدساتير العربية تقول: لا أعتقد أن الدساتير تحكم دول المنطقة. ومقولة أخرى: لا أعتقد أن الدستور سوف يؤدي إلى خراب ألعراق أو إعادة بنائه. ما يؤدي إلى ذلك هو توافق إرادته الوطنية.

ما نحتاجه اليوم هو سياسة الأعتدال الذي تجمع الأطراف المختلفة وتحقق المصالحة وهذه السياسة هي الكفيلة بتحقيق النصر على التطرف، ولا نحتاج للقائد الضرورة الذي يريد قهر أبناء وطنه بالأنتصارات العسكرية ويطمح لدخول التاريخ كنبو خذ نصر أو نابليون العصر، أن الموقف في العراق لا يحتمل حماقات سياسية إضافية لما نحن فيه .

Comments are closed.