نعم للتدويل..كلا للتصعيد

تناقلت وسائل الإعلام مؤخرا نبأ طلب العراق من مجلس الأمن الدولي إنشاء محكمة دولية لملاحقة جناة تفجيرات الأربعاء الدامي وذلك على غرار محكمة إغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وتلاه نبأ إمتعاض مجلس الرئاسة لهذا التصرف “الفردي” لرئيس الوزراء نوري المالكي، ثم جائت تصريحات الرئاسة السورية التهكمية والمتفقة مع إمتعاض الرئاسة العراقية. بعدها توالت تصريحات عدم الرضا للتصعيد مع الجارة سوريا.

وفي سياق قد يبدو للوهلة الأولى غير متصل بعلاقة مع ما تقدم، جاء نبأ إصدار المحكمة الجنائية العراقية مذكرة إعتقال مثيرة للدهشة بحق رئيس ديوان الرقابة المالية وسفير العراق بالأردن، فالأول كان قد إنتهى للتو من التحقيق مع مسؤولين في هذه المحكمة بخصوص مخالفات مالية والثاني معروف بالنزاهة والكفاءة في وقت ندر فيه الإثنان. وخلال أيام تراجعت المحكمة عن مذكرات الإعتقال وتأكد أن ما وراءها كانت أسباب سياسية كيدية، فحال المحكمة كحال الكثير من المؤسسات الحكومية من الإنحناء للإعتبارات السياسية. ولكن مهلا، أليست هذه المحكمة هي ذاتها التي من المفترض أن تتعقب مرتكبي جرائم الأربعاء الدامي النكراء؟؟

أن ضحايا الأربعاء الدامي هم من العراقيين الأبرياء وسوف يستمر ذووهم وزملاؤهم وغيرهم من العراقيين بالمطالبة بمعرفة الجناة الحقيقيين لهذه الجريمة الشنعاء التي إستهدفت إستقرار الوطن وليس النظام السياسي فحسب، وهنالك حاجة ملحة لكشف الحقائق بحيادية وبعيدا عن التأثيرات والإعتبارات السياسية الضيقة، ولا يكاد أن يختلف عراقيان في أن من وراء هذه الجريمة هم من غير العراقيين الشرفاء وأن الضحايا يستحقون إقرار العدالة التي لا تستطيع المحكمة الجنائية العراقية توفيره.

لا شك أن التصعيد مع الجارة سوريا، أو مع أي من الجيران بلا إستثناء، يؤدي الى الإحتقان وتعقيد الأوضاع للاجئين العراقيين في دول الجوار وقيل أن التصعيد ما هو إلا ذريعة لحرمان العراقيين في سوريا والخارج من حق التصويت في الإنتخابات القادمة، ولا شك أن إتهام أي من الأطراف بالتورط في الجريمة مسبقا وقبل وصول المحكمة الى إستنتاجاتها يشكل تدخلا في أعمالها وضعفا في إرساء العدالة. وهنالك من يتوقع أن لا يوافق المجتمع الدولي على طلب العراق لإنشاء المحكمة الدولية نظرا لإعتبارات التقارب بين الولايات المتحدة وسوريا، وقد تتم بعض التسويات والتغطيات على حساب العدالة والشفافية. لذا نعلن من خلال ما توفر لدينا من وسائل الإتصال والإعلام موقفنا المبدأي والإخلاقي المساند لإنشاء المحكمة الدولية بغض النظر عن التصعيد الذي قد يتخذ وجوده أو غيابه ذريعة لأهداف لا تخدم العدالة.

Comments are closed.