هل سوف يأتي التغيير من الداخل أم من الخارج؟

أن مساوئ القائمة المغلقة وإسنعمال الرموز الدينية في الدعاية للإنتخابات واضحة لدى الكثيرين لكن إرادة التغيير قد إصطدمت بواقع العملية السياسية في الوقت الحاضر، فالبرلمان هو من نتاج القائمة المغلقة والرموز الدينية، وتغيير العملية السياسية سوف يقلل من فرص إعادة الإنتخاب لدى المستفيدين في الوقت الحاضر، أما الرموز الدينية فكانت محرمة أصلا ولا تزال لكن تطبيق القانون في جانب ثانوي كهذا قد لا يبدو من أولويات من في السلطة في حين أن الجوانب الأساسية كتوفير الأمان و الخدمات وغيرها قد صعبت في التحقيق. ولو نظرنا الى عملية الإنتخابات بتجرد لكي نراها وكأنها سوق تجارية فيها العرض متمثلا بالرموز والبرامج السياسية من ناحية وفيها الطلب متمثلا بالمفاضلة بين الرموز المختلفة المطروحة على الناخبين لرأينا بعض الرموز الدينية الثمينة وكأنها محتكرة لإستعمال البعض وليس الآخرين، وهذه الحالة ليست مقبولة في سوق مفتوح للأفكار والإتجاهات السياسية كالسوق العراقية. أن الفكرة تحمل مقومات فنائها كما تقول فلسفة هيجل، وقيمة الرموز الدينية في الإنتخابات سوف تضمحل حين يكتشف الآخرون أن لا أحد يملك حق الإحتكار في إستعمال هذه الرموز، وعلينا أن لا نستغرب لو رأينا أحزابا شيوعية أو سنية تستعمل رموزا دينية شيعية في المستقبل، ففي السوق المفتوح يلعب الرمز دور الدعاية فحسب، أهم ما فيه هو مقدرته على إجتذاب أصوات الناخبين، وحين ينكسر طوق إحتكار الرموز الدينية تنخفض قيمتها وفعاليتها في إجتذاب الناخبين ويضمحل إستعمالها بدون الحاجة للقوانين والقضاء. ونتمنى أن يسمح أصحاب الرموز الأحياء في التصريح المفتوح للجميع بدل تحريم الإستعمال وعدم الإلتزام من بعض المقربين. أما القائمة المغلقة فإن لم تستطع الحكومة أن تغير قانون الإنتخابات في صالح إستعمال القوائم المفتوحة فعلى الناخبين الذين لم يناقشوا موضوع القوائم في الإنتخابات السابقة أن يطرحوا الموضوع في الإنتخابات التالية كإلتزام إنتخابي، أي بكل بساطة يختار الناخب الحزب أو المجموعة التي تلتزم بالتصويت لتغيير القانون لصالح القوائم المفتوحة.

أن تغيير العملية السياسية يجب أن يأتي من الداخل على قدر الإمكان، ولكن هنالك حالات تحتم الرجوع الى معايير عالمية ولا تسمح بالإنغلاق والإكتفاء بالمقارنات التاريخية، ومثالا على ذلك ما يحصل الآن في زيمبابوي، فالحزب الحاكم بقيادة موغابي قد قام بكل علانية بإرغام المعارضة على الإنسحاب وعلى إرهاب الناخبين على التصويت لصالح موغابي على الرغم من أن المعارضة قد فازت في البرلمان ولديها أكثرية الأعضاء. من ناخية أخرى فلا ينبغي الإنسياق كلية وراء دعاوي الغرب لتغيير موغابي بالقوة فهنالك أهداف خفية، حيث أن المعارضة في شخص مورغان تشانغراي تدعو الى خصخصة المزارع وتعويض المزارعين البيض وهذا يعود بالفائدة المادية المباشرة على الأوربيين، في حين أن موغابي قد أمم المزارع وأضر بمصالحهم. ومع الأخذ بهذا الأمر في نظر الإعتبار لابد لنا أن نقف مع التغيير من الخارج في زيمبابوي فالدكتاتور موغابي قد إستنفذ جميع الوسائل للإصلاح من الداخل.

و بيت القصيد هو العملية السياسية في العراق، فالمستفيدين من تقسيمات النفوذ ودخول النفط هم من داخل العملية وتغيير أسس التقسيمات لكي تعتمد على تعدادات حقيقية للسكان وعلى عملية إنتخابية شفافة فيها مجازفة على إستمرار نفوذهم، لذا لا يسترجى أن يأتي طلب التغير كلية من الداخل ولابد من دفع وإشراف خارجي على التعداد والإنتخابات، وهذا الأمر عام وشامل وأجدى بالإهتمام من موضوع إستعمال الرموز الدينية والقوائم المغلقة.

Leave a Reply

You must be logged in to post a comment.