ضعف القائد بين الشرق والغرب

ما هي علامات ضعف القائد وكيف تفسر؟ لقد عالجت إحدى حلقات برنامج على تلفزيون السي بي سي الكندي هذا السؤال بأسلوب مبتكر، من خلال سرد حالات الإعتذار العلني لقادة معروفين من عالم الإقتصاد والسياسة في مواجهة أزمات عصيبة وتفسيرها من قبل أخصاء أكاديميين.

اللقطات المستخدمة في عرض حالات الإعتذار هذه كانت كثيرة لكننا هنا نحاول الإستفادة من المقارنة بينها وبين ما نراه من ضعف القادة العرب بعيد الربيع العربي، خاصة وأن ردود الفعل للقادة المخلوعين جميعا كانت متشابهة إن لم تكن متطابقة في تحدي الأرادة الشعبية، على الرغم من أنها لم تحصل في وقت واحد وكان هنالك مجال لتعلم الأخطاء لتعاقب الحالات.

مما إسترعى الإنتباه حالة رئيس مجلس الأدارة لشركة بي بي البريطانية توني هيوارد في مواجهة حريق بئر النفط في خليج المكسيك عام 2010، ومن المعروف أن هذه الشركة هي من عمالقة المال في العالم وتفوق في دخلها ميزانية العديد من الدول الصغيرة، وكان المدير شخصا إداريا ومختصا بالجيولوجيا لكنه لا يجيد التعامل مع الأزمات الحادة ولم يكن لديه خطة معدة مسبقا لمواجهة أزمة كهذه. وكانت أحدى غلطاته أنه إستخدم لغة بذيئة في وصف الحريق، ولم تكن الكلمات التي إستخدمها مرتين وهي “هذا الحريق اللعين” تعتبر من الشتائم الكبار، لكنها كانت كافية لكي تعطي إنطباعا بأنه قد خاف وضعف أمام الأزمة ولم يعد مسيطرا على أعصابه. وجائت الضربة القاضية على هذا الرجل حينما إعترف أمام الملأ بأنه هو أيضا بحاجة لأستعادة حياته السابقة و يحتاج للعناية بما هو مفهوم ضمنا حاله حال الضحايا الذين فقدوا بين قتيل وجريح. وكان هذا الإعتراف العلني كافيا لأدانته من الرأي العام ولتنحيته عن منصبه رغم إنه قد إعتذر مرارا وتكرارا لأنه يدل على إحباط شخصي ومغالاة في حماية ذاته بدلا عما يمليه واجبه القيادي في حماية المصلحة العامة وتعويض الضحايا الحقيقيين ممن فقدوا عزيزا لهم أو مصدر معيشتهم أو سكنهم نتيجة لأهمال الشركة .

لا أحسب أنني بحاجة للتذكير بأن الإعتذار ليس من شيم الكبارلدينا، فالقائد هو سيد القوم وليس بخادمهم كما أوصى به الرسول (ص)، بل يفهم الإعتذار بأنه من علامات الضعف وعلى قادتنا الأقوياء تجنبه بأي تكلفة، لسان حالهم كأبيات عمر بن أبي ربيعة:

ليت هندا انجزتنا ما تعد وشفت انفسنا مما تجد
واستبدت مرة واحدة انما العاجز من لا يستبد

والمعارضة كالكلاب الجائعة وعلى القائد أن يزيدها جوعا تيمنا بالمثل القائل: جوع كلبك يتبعك.

وإستلام الحكم قسمة وقضاء من الله وليس خيارا من أصوات الناخبين من البشر أو عطاء من جيش محتل، وأحنا أخذناها بعد ما ننطيهه..لهذا فأن القوة عندنا هي الإهتمام بالذات وسحق المعارضين والأتباع وهذا ما تجلى في سياسات الدكتاتوريات الهشة من تونس ومصر وليبيا واليمن ونحن اللآن نراقب تحدي الطغاة في سوريا لأرادة الشعب الأعزل

Comments are closed.