نوري الحزين
هنالك العديد من المقالات الجديدة التي تستذكر تاريخ العراق السياسي وخصوصا في فترة الحرب العالمية الثانية، وتشير إلى كيفية تغير السياسة بعد وفاة المغفور له فيصل الأول الذي أكد على وحدة الشعب ونبذ الطائفية وإرساء المجتمع المدني ومؤسسات الدولة والأعتماد على هذه المؤسسات لتحقيق الأستقرار، وقد تغير هذا في سياسة نوري السعيد والوصي بعد وفاته في الأعتماد على الدعم البريطاني لأستقرار الحكم، مما أدى إلى بعض الممارسات القمعية والمواجهات في حركة رشيد عالي، ثم الأنتخابات التي تم فيها سلب الحزب الشيوعي من نجاحاته، وقد أدى ذلك إلى إزدياد قوة الشيوعيين ومصداقيتهم وقيل أن هذا الحدث كان من أهم الأسباب التي أدت إلى ثورة 14 تموز، وبذلك فقد ساهمت سياسات نوري السعيد في سقوط الملكية ذاتها.
ولسنا في صدد إعادة شن معارك قد إنقضت ولا إلى المفاضلة بين الحاظر والماضي لكننا نلاحظ أن التاريخ يعيد نفسه في سياق محدد، فالإعتماد على التدخلات الأجنبية والموازنات بين القوى الخارجية التي جميعها لا تريد مصلحة العراق ولا إستقراره قد أصبح سمة الهرم السياسي من رأسه حتى أخمص قدميه.
ولم يكن نوري السعيد يتبع سياسة الإعتماد على دعم الأنكليز عن جهل أو إبتغاء لمصلحة ضيقة، فكانت بريطانيا في ذلك العهد القوة الكبرى وتدافع عن مصالحها بأساطيلها وعلاقاتها وكان الجنيه الأسترليني في قوة ومكانة الدولار الأمريكي حاليا، والأهم من كل ذلك كان من المتوقع إستمرار الهيمنة البريطانية أو على الأقل عدم إنهيارها بسرعة، ولو أردنا المقارنة مع المنطق المتبع لتبرير أصطفاف العراق في محور أيران-سوريا-روسيا لوجدنا أن عاملا الأستمرارية والدور العالمي غائبان. أنه لمحزن حقا أن نرى إصطفاف حكومتنا في معسكر الخسارة.