إستقراء إشارات الدخان السورية في العراق

نشرت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي خبرا عن هجوم للقوات الحكومية السورية على ضاحية من ضواحي دمشق، وتضمن الخبر سطرا واحدا عن إستعمال هذه القوات خراطيش من الغاز السام ضد المواطنين، ولم يثير هذا الخبر الإهتمام في الشرق الأوسط لكن يبدو أن هذا العمل قد تخطى الخط الأحمر لسياسة الولايات المتحدة، فقد سارعت وزيرة الخارجية والرئيس أوباما بإطلاق التحذيرات بعقوبات لم تحددها ورددت المجموعة الأوربية قلقها وهنالك المزيد من التقارير التي تشير إلى خطط وإستعدادات لأستخدام واسع النطاق في داخل العاصمة من أجل “حسم” المعركة لصالح الحكومة والقضاء على مجاميع الجيش الحر التي باتت تحتل العديد من ضواحي دمشق.

تتوالى التقارير في سياق التصعيد من إنسحاب فريق الأمم المتحدة من سوريا وغلق بعض السفارات الغربية في دمشق وبيروت وتصريح الملك عبد الله بأن الأردن ليس مستعدا للمشاركة في التدخل المباشر في سوريا، ومما هو ذو مغزى أهم إدعاء وفد الحكومة السورية في الأمم المتحدة بالخشية من إستعمال الجيش الحر للغاز السام بعد إستيلائه على مصنع لغاز الكلور، وليس المغزى هنا في مصداقية هذا الإدعاء فالكلور يستعمل في تصفية المياه وليس من السهل إستعماله كغاز سام، لكن المغزى في أستعداد الحكومة السورية لأستعمال الذرائع الضبابية لتغطية الهجوم على الشعب الأعزل مما يشير إلى وجود النوايا السيئة في الأصل.

رغم هذه المؤشرات الصارخة تبدو وسائل الإعلام في الدول المجاورة مشغولة في تفاصيل ومجابهات ليست ذات صلة والمراقبون لا يستطيعون تقديرأهمية الأحداث الجسام التي تدق على الأبواب، ولو إستقرأنا أشارات الدخان المتصاعدة في سوريا لرأينا أن التداعيات الأهم تقع على كاهل العراق، فإنهيار نظام الأسد سوف يؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من الشبيحة والمجرمين وأفراد الجيش والمنتفعين وعائلاتتهم، ولن تستطيع لبنان والأردن إستيعابهم وستواجه مساعيهم بإختلاق دولة ساحلية معارضة تركية قوية، لذا فمن المتوقع أن يكون العراق وجهتهم الأساسية.

أن الحكومة السورية تواجه الآن موقف “كش ملك” لا تحسد عليه، من ناحية لا تستطيع المجازفة بأستعمال الغاز السام لأنه خط أحمر لدى الغرب ومن ناحية أخرى لا تستطيع الإنتظار طويلا فخطوط الإمداد والموارد من روسيا وأيران في تقلص، والعامل الأهم من الخطوط الحمراء هو تماسك الجيش الذي لا ريب سوف يتجزأ نتيجة لأستعمال الغاز في مناطق سكنية تحتوي على ذوي العديد من أفراده.

Comments are closed.