بين الطائفية والعاطفية
تداولت مواقع الإنترنت بضعة أبيات للشاعر العراقي سعدي يوسف يساند فيها تظاهرات الفلوجة ويهاجم المرجعية، وليس مستغربا علي موقفا كهذا فسعدي يوسف شيوعي معروف من ناحية وقاسى من ويلات الطائفية حيث أن أسرته في العراق قد أغتيلت على الهوية بأكملها، لكني مستغرب من ردود الفعل التي وصفته بالطائفية.
وبهذه المناسبة فقد ورد على خاطري قصتان: الأولى عن صديق مصري ولدت زوجته أبنه البكر وأثناء الولادة كانت تهذي وتشتم من شدة الألم وإحدى شتائمها كانت “يلعن أبو الرجاله” أي اللعنة على الرجال جميعا. طبعا لا يمكن أن تؤاخذ على هذه الشتيمة في لحظة الألم وقد خلفت خمس أبناء وبنات بعد ذلك لكنني أتسائل أليس من حق سعدي يوسف أن يكون طائفيا بعد ما حصل لأسرته؟
أما الخاطرة الثانية فهي عن مجادلة بيني وبين أحد الأنكليز حول العاطفية تعلمت منها أن تهمة العاطفية لا تستعمل من قبل السياسيين المخضرمين لأنها سرعان ما تقذف في الإتجاه المعاكس ولا تؤدي إلا إلى الإرتباك وضياع معاني المجادلة السياسية.
والطائفية أصبحت لدينا كالعاطفية من حيث أنها لا تخدم سوى ضياع المعاني من المجادلة السياسية ويستعملها البعض عن قصد أو بعفوية لمجرد القذف ولسد طريق الحوار وإخلائه من المعاني وللوصول إلى نتيجة سريعة تبرر العدوانية.
لقد حقق سعدي يوسف غايته من أبياته حاله حال غيره من المسوقين لسلعهم فقد شد إنتباه القارئ وتوقف عنده كل من أتفق أو خالفه الرأي لكنه لم يشذ عن طبيعته ولم يخالف أو يطاوع إقتناعاته المعروفة، ومن كان يتوقع منه أن يحترم مقام مراجعنا من أجل أن يتمتع بحرية التعبير قد أساء فهم الرجل وأبدى إستعدادا لممارسة الإقصاء السياسي.