ما العمل؟

يتسائل البعض بإلحاح متزايد هذه الأيام مع إزدياد الإستقطاب الطائفي وإقتراب موعد الإنتخابات العامة في نيسان إبريل القادم: مالذي يمكننا عمله في هذه الظروف؟ وأحيانا يأتي هذا التساؤل بشروط مسبقة كإخلاء ذمة الحكومة وطرح السؤال على جميع الأطراف ما عداها، أو بقبول التمديد لولاية ثالثة أو بقبول البرلمان للميزانية كما هي، وهذه جميعها شروط تبعد الأنظار عن الجاني الذي لديه الدولة والمال، وتحولها نحو الضحايا التي لا حول لها ولا قوة.

أن أول ما ينبغي الإقرار به هو تحديد الجهة التي بيدها زمام المبادرة والمسئولية من أجل العمل: أنها الحكومة حصرا. لا يخفى على أحد أن قرارات الحكومة تثير التوتر وتصعد المواجهة في الوقت الحاضر، ولا ينبغي الخوض في التفاصيل لخطط إفتراضية عقيمة لإنهاء المواجهة في الأنبار وبغداد وعموم أنحاء العراق إن لم نحدد ما هو الهدف ومن هي الجهة المسؤولة عن التنفيذ. والحكومة التي جائت نتيجة لتوافقات خارجية لا تأبه للرأي العام ولا تحترم حرية التعبير ولا العملية الإنتخابية إلا بصورة شكلية، ولا تحمي الصحفيين بل تهددهم وتحاصرهم إذا ما إنتقدوا إدائها. وإذا تغيرت الوجوه ولم تتغير مؤسسات الدولة فأن طريقة تفكير السياسيين لن تتغير والحقائق على أرض الواقع لن تتغير هي الأخرى.

مجرد مبادلة رئيس الحكومة بشخص آخر من نفس الحزب أو من حزب آخر لن يغير حقيقة النفوذ الخارجي على القرارات والسمسرات السياسية، ما ينبغي عمله هو ضمان نزاهة الإنتخابات كخطوة أولى وحيوية نحو تحديد النفوذ الخارجي، بدونها يضطر أي رئيس للخضوع للخطوط الحمراء والإعتبارات الأقليمية والتوافقات الخارجية وهي بالحقيقة ليست أقل من عملية تزوير لأرادة الشعب العراقي لا تصب في مصلحته ولا تؤدي إلى التوافق الداخلي المبني على نتائج إنتخابية ذات مصداقية غير مشكوك بسلامتها والذي هو مفتاح السلام والإستقرار.

Comments are closed.