آزربايجان

هي الآن دولة من دول القوقاس التي تكونت بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي في 1991 وتاريخيا هي أول جمهورية برلمانية ذات غالبية مسلمة تأسست عام 1918، تعداد نفوسها حوالي 9 ملايين غالبيتهم الساحقة من الشيعة. مع ذلك ليس للدولة دين رسمي ومعظم الأحزاب الرئيسية ونظام الحكم جميعها علمانية. حين إستعرت المواجهات مع أرمينيا من أجل السيطرة على إقليم ناغورنو كاراباخ بعيد الأستقلال قامت الجمهورية الأيرانية بمساندة أرمينيا ومنعت ضم هذا الإقليم، وفي المقابل تتمتع إسرائيل بعلاقات متينة بحيث قد تستعمل الطائرات الإسرائيلة القواعد الإزربايجانية في الهجوم على أيران في حالة فشل الأتفاق النووي مع مجموعة القوى الغربية.

وعلينا هنا التوقف لحظة والتمعن في أسباب هذا التقارب الغريب، فآزربايجان بلد نفطي تربطة بروسيا علاقات متينة وتاريخية عميقة، حيث أن العاذريين ساهموا برجالهم ونفطهم في صمود روسيا أمام الإحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، والروس هم الحلفاء المعتمدين لأيران أمام أمريكا وإسرائيل لكن هذه العوامل بالإضافة لعلاقة الطائفة المشتركة لم تحدد موقف آزربايجان المتحدي لولاية الفقيه، لذا نستطيع القول أن الدولة المدنية وحمايتها شكلت العامل الأهم في العلاقة بين البلدين.

فعلى الرغم من التشابه الواضح وعلاقة الجيرة والإشتراك في العقيدة تبقى طريقة الحكم وأساس الدولة هي العوامل التي تؤدي إلى الإختلافات الحتمية والتناقض، فالجمهورية الإسلامية قائمة على مبادئ ولاية الفقيه وآزربايجان على العلمانية وفكرة المواطنة الحديثة.

لا أدعو إلى إتباع نفس السياسة بلا تمييز وعقد التحالفات مع إسرائيل نكاية بولاية الفقيه: لا يخفى على أحد أن إسرائيل هي الدولة العبرية ذات القوانين المبنية على الإعتبارات الدينية والعرقية المجحفة التي لا تصلح للقرن الحادي والعشرين، وهي بهذا تشترك مع ولاية الفقيه في أساس الحكم، وإذا إستطاعت آزربايجان التغاضي بسبب البعد الجغرافي والإجتماعي أو قوة مواطنيها من اليهود أو أي حوافز أخرى فدول المشرق العربي لن تستطيع التغاضي عن الدولة العبرية أو المحافظين الأمريكان الجدد الذي تبنوا تفسيراً صهيونياً ضيقاً للتاريخ وأرسوا بذلك دولة المحاصصة الطائفية، التي تقوم على عكس المبادئ التي قامت على أساسها دولتهم.
وكذلك لا ننسى تعايش المنفعة المتبادلة بين الوهابية ودول الجزيرة العربية والذي لا يسمح بالتطور والتحديث للوصول إلى الدولة المدنية، ولا الإخوان المسلمين وأمثالهم من دعاة الدول الدينية.

آن الأوان لكي نضع النقاط على الحروف ونحدد التناقض التاريخي الذي نرى الواقع السياسي والإجتماعي من خلاله والذي هو بين الدولة المدنية دولة المواطنة التي تحكم من خلال المؤسسات المستقلة والتي زرع جذورها في العراق المؤسس الراحل فيصل الأول، بينها وبين الدول الدينية الطائفية وممثليها من ولاية الفقيه والدولة الإسلامية (داعش) والدولة العبرية والإسلاميين.

Comments are closed.