سياسة القدر المكشوف
قال حكماء السياسة بما معناه: توقيت القرار أهم ما فيه. تنشغل الساحة العراقية في الوقت الحاضر بعملية إضافة نائب رابع لرئاسة الجمهورية، وهو منصب شرفي بالدرجة الأولى وليس فيه شيئ من السلطة التنفيذية المباشرة. ويتسائل البعض عن سبب الإهتمام الزائد بهذه المناصب ويبرره بوجود الطموحات الشخصية وحبها للإستمتاع بالمركز والمال ومقابلة الشخصيات العالمية المهمة، أي بما يشبه الملكية والحصول على لقب البارون مثلا. ولكن هنالك جانب آخر لرئاسة الجمهورية وهو وإن لم يكن تنفيذيا بالمعنى المباشر لكنه يلعب دورا غاية في الأهمية في العملية السياسية، ألا وهو توقيت القرار. دور رئيس الجمهورية يتمثل في الأحداث التي تلت إنتخابات السابع من مارس آذار الماضي، حيث أن القائمة العراقية كانت ولتسعة شهور حسب جميع التفسيرات الدستورية هي الأكبر بين الكتل لكن رئاسة الجمهورية إختارت أن تنتظر وأن لا تسند تشكيل الحكومة لها وبالرغم من أن رئاسة الجمهورية قد فقدت صفتها التوافقية والقدرة على النقض التي كانت تتمتع بها قبل الإنتخابات فلا يزال رئيس الجمهورية يحدد توقيت تشكيل الحكومة ونوابه يمتلكون بعض التأثير بحكم قربهم من صانع القرار. لذا نقول أن إضافة نائب الرئيس من التركمان يوسع من دائرة التأثير على توقيت وجهة تشكيل الحكومة بحيث تزيد من أحتمالات التأخير، ولكن ومن ناحية أخرى فقد تفسر هذه الإضافة بأنها إعتراف بدور تركي في سياسة القدر المكشوف الذي تفضله الملايات المتحدة لأنه يسمح لها بالتأثير على سير العملية السياسية، لكن هذه السياسة التي حالفها النجاح في بلدان أخرى تؤدي الى نتائج عكسية في العراق لأن دور الولايات المتحدة ليس هو الأقوى ويبدو أنها لا تجيد التصرف من موقع الضعف.
نرى أن الرئيس جلال الطالباني يجسد سياسة القدر المكشوف وهذا يفسر لحد ما تهافت سياسة الولايات المتحدة وتعاونها معه وإعتماد توقيت تشكيل الحكومة على العوامل الخارجية، لكن هذه الظاهرة ليست صحية وتؤدي الى تعطيل القرارات المهمة لأنها تتطلب إتفاق أطراف لا تهمها المصلحة الداخلية. ما نريده هو تغطية القدر وإعتماد التوقيت الداخلي بما يحقق مصلحة وأمان الناخب.